الصفحة الرئيسية

تدشين أكبر مشروع ترميم للجامع الكبير بصنعاء بتكلفة 7.6 مليون دولار


اليوم:  8
الشهر:  نوفمبر
السنة:  2006

في مشروع كبير لترميم الذاكرة والتاريخ وحماية واحد من أبرز النقاط المضيئة في تاريخ المعمار اليمني تدشن في الثامن من نوفمبر الحالي في صنعاء المرحلة الأولى من مشروع ترميم وصيانة الجامع الكبير في مشروع تاريخي هو الأهم من نوعه منذ انشاء الجامع في القرن السادس الميلادي ويستمر خمس سنوات.
وينفذ المشروع فريق مشترك من المعماريين اليمنييين والإيطاليين بتمويل محلي ودولي تبلغ قميته الإجمالية سبعة ملايين و650 ألف دولار يساهم الصندوق العربي للانماء الاقتصادي والاجتماعي بمبلغ 500 الف دينار كويتي.
ويأتي هذا المشروع ليكون المحطة الأخيرة لجهود الترميم والتوسعة التي شهدها الجامع خلال فترات متلاحقة من التاريخ بدء من العهدين الأموي والعباسي وحتى تاريخ الدويلات اليمنية وحكم العثمانيين والأئمة لليمن .
ويقول الأخ حمود عباد وزير الاوقاف والارشاد "إن المشروع يعد واحدا من أهم وأكبر مشاريع الترميم والحفاظ على المواقع التاريخية في اليمن ..ليس فقط لكون المشروع يستهدف أهم المعالم في أهم المدن التاريخية اليمنية المدرجة ضمن قائمة التراث العالمي بل لكونه تضمن تركيب انظمة حماية متطورة وأعمال ترميم دقيقة ومتعددة إنشائية ومعمارية وزخرفية مميزة فضلا عن عمليات إعادة تأهيل ملحقات الجامع وأعمال الصيانة التي ستنفذ وفق منهجية حديثة تلبي المعايير الدولية في هذا المجال.
ويوضح وزير الأوقاف والإرشاد أن المشروع الذي يأتي تنفيذا للقرار الجمهوري رقم 354 لسنة 2001 م القاضي "بترميم وصيانة مبنى الجامع ومرافقه وملحقاته يسعى إلى اعادة أحياء المميزات التاريخية والمعمارية التي ميزت الجامع كواحد من أقدم الجوامع في العالم الإسلامي .
* مكونات المشروع
المهندس عبد الحكيم السياغي رئيس الفريق الوطني للمشروع يوضح أن خطة المشروع تسعى إلى إنجاز عدة اهداف أولها ترميم مبنى الجامع من الناحية الإنشائية للحد من أية أضرار بهيكل المبنى وفي الجدران والأسطح والأعمدة والأرضيات ، وكذلك ترميم وإعادة بناء العناصرالمعمارية الخارجية والداخلية بما فيها ترميم السقف الخشبي والأطر والزخارف الأخرى فضلا عن بناء دورات مياه وأماكن وضوء ( مواضئ) بديلة وإزالة كتل البناء المستحدث .
ويشير السياغي إلى ان اعمال الصيانة والترميم ستشمل بناء مبنى جديد في الجهة الجنوبية الغربية لحوالي 60 دورة مياه و(مواضئ ) جديدة لأكثر من 120شخص تراعى فيها الجوانب الصحية والخدمية وتناسب طبيعة وخصوصية الجامع ومحيطه العمراني بتكلفة 362 ألف و819 دولار ,فضلا عن بناء خزان ارضي وعلوي وكذلك بركة كبيرة في المقشامة الغربية للاستفادة من مياه الوضوء لري المقشامة.
وأشار إلى أنه سيتم لذلك إعادة تسوية أرضيات الجامع وإعادة رصفها بحجر (الحبش)
وفرش الجامع بسجاد مناسب يليق به واستبدال الشبكة الكهربائية الحالية بشبكة جديدة آمنة ومناسبة مع نظام إضاءة حديثة للاستخدام اليومي في الصباح والمساء ، لإظهار الجوانب الفنية لمكونات المبنى من الداخل والخارج .
* انظمة حماية متطورة
ونوه السياغي إلى أن المكون الأبرز في هذا المشروع يكمن بحسب العاملين في تزويد المبنى بنظام إنذار للحريق ونظام الإطفاء الآلي واليدوي المناسب لمبنى الجامع ومكوناته الحساسة كالسقف .
وكذلك سيتم تزويد المبنى بنظام صوتي متطور مناسب يتناسب مع خصوصيته فضلا عن تزويده بمولد كهربائي آلي حديث يلبي احتياجات الجامع ومرافقه إلى تزويده برافعة عمل متحركة لأعمال الصيانة الدورية وصيانة شبكة المياه والصرف الصحي حول الجامع من جميع الجهات وتأمينها وتجهيز مرافق إدارة وحماية مبنى الجامع ومرافقه.
ويشير المهندس السياغي إلى أن فرق العمل ستتولى إخلاء مكتبة وزارة الثقافة الواقعة في الجهة الجنوبية ونقل محتوياتها إلى دار المخطوطات لتنفيذ عملية الترميم فضلا عن نقل محتويات مكتبة الأوقاف في الجهة الغربية وتفكيك وإزالة مبنى المكتبة المستحدث في منتصف ثمانينيات القرن العشرين وكذا تفكيك وإزالة بقية المباني المستحدثة مثل دورات المياه والخزان الخراساني والبركة في الجهة الغربية إلى ترميم المنازل الواقعة في الجهة الغربية وإعادة تأهيلها ".
وقال "ولمعرفة الحالة الإنشائية والمعمارية والتاريخية والأثرية لمبنى الجامع سيتم وضع مجسات أرضية في عدة أماكن من الجامع لأخذ عينات من مواد البناء واختبار التربة ومكوناتها ومعرفة مراحل البناء والتوسيع التي جرت سابقا لمبنى الجامع لغرض إعادة المستويات وتصريف مياه الأمطار من الصرح وإعادة تسوية الأرضيات .
كما سيتم وضع مجسات للحوائط والأعمدة في عدة مناطق من الجامع سيتولي تشغيلها والإشراف على عمليات الفحص والاختبار والتحليل فيها فريق عمل يمني وبمساعدة خبراء أجانب .
* مشاريع سابقة
الأعمال السابقة التي شهدها الجامع هذه السنة بدأت في أبريل الفائت بمشروع الحفاظ على السقف الخشبي المزخرف والملون والأفاريز.
وفي هذا الصدد يقول السياغي "أن اعمال ترميم تجريبية تمت في أبريل الفائت من قبل فريق متخصص من معهد فينتو الايطالي بمشاركة كوادر يمنية مدربة, لترميم وصون السقف الخشبي المزخرف والملون والافاريز استغرقت ستة اشهر ,كما تم قبلها إجراء العديد من المجسات والاختبارات والفحوصات لمكونات السقف وتحديد أنواع الأضرار بشكل عام ووضع تصور علمي وعملي لتنفيذ هذه التجربة.
ويشير السياغي إلى أن الفريق إنجز عملية ترميم وصون الأجزاء المستهدفة في فترة زمنية أقل من الفترة المحددة وفق المعايير الدولية المتبعة في ترميم وصون المعالم التاريخية المدرجة في قائمة التراث العالمي من خلال طريقة الترميم والمواد المستخدمة والتقنيات المعتمدة".
ويلفت المهندس السياغي إلى أنه ووفقا لنتيجة المرحلة التجريبية الفنية والمادية
ونظرا لطبيعة المواد المستخدمة بما في ذلك برنامج التدريب للعاملين في المشروع قدر الوقت الضروري لانجاز أعمال الترميم للأسقف والأفاريز بحوالي 5 سنوات وبتكلفة اجمالية تقدر ب 4 ملايين و500ألف دولار.
* نظرة تاريخية
ويعد الجامع الكبير بصنعاء من أقدم جوامع العالم الإسلامي حيث تم بناؤه بأمر من رسول الله صلى الله عليه وسلم في العام السادس الهجري كما يعتبر من أهم المعالم التاريخية والمعمارية في اليمن، ويعتبره الكثيرون سجل حي لتاريخ اليمن على مر الزمن, وقد أجريت له عدة إضافات وإصلاحات في أزمنة مختلفة .
وبدأ بناء الجامع في بستان بآذان بين قلعة غمدان والصخرة الململمة الموجودة الآن في الصرح الغربي في اصل اساس الجدار من الجامع
وبني الجامع الكبير بداية بمدخل واحد بالطراز المعماري اليمني على مساحة مربعة تزيد عن120مترا مربعا .
ويعتبر محرابه من المحاريب الأولى التي بنيت في صدر الإسلام وله مئذنتان دائريتان مخروطتان من الأعلى وملونتان بالجبس الابيض .
وتتبع الجامع الكبير عدد من الأبنية الصغيرة التي كانت أعدت كمنازل لطلاب العلم من خارج مدينة صنعاء كما الحقت به واحدة من اشهر مكتبات المخطوطات النادرة في اليمن تضم 13 ألف مخطوطة.
* مشاريع الترميم والتوسيع القديمة
لم يكن هيكل الجامع سابقا على حالته الراهنة إذ جرت له العديد من التوسعات والتجديدات في أزمنة تاريخية متعاقبة.
وكان أول تعديل له أثناء ولاية ايوب بن يحيى الثقفي لليمن في عهد الخليفة الاموي 'الوليد بن عبدالملك (705 ـ 715)، خيث أمر الوليد بتوسعة المسجد إلى جهة الشمال باتجاه القبلة، وفي أواسط القرن ( 8 م ) بداية الدولة العباسية, تمت إضافة الأبواب بواسطة الوالي عمر إبن عبد المجيد العدوي .
وفي العام 745 هجرية شهد الجامع إصلاحات تلاها إصلاحات أخرى بداية القرن العاشر الهجري ثم خلال فترة حكم إبراهيم بن محمد بن يعفر الذي أمر بإعادة بناء الجامع بداية القرن الحادي عشر .
وفي بداية القرن الثاني عشر بنت الملكة سيدة بنت أحمد الصليحي بناء الرواق الشرقي ..وفي بداية ومنتصف القرن الثالث عشر أصلح الأيوبيون المنارتين في الفترة من (1205-1207م).
ثم بنى القاضي سراي بن إبراهيم (1228-1229م) المطاهير(المواضئ) ،وأعاد عمر بن سعيد الرابيعي بناء المحراب في(1266-1267م)، وفي النصف الثاني من القرن (16) أصلح الوالي العثماني مراد باشا المحراب في (1576-1577م).
وفي بداية القرن السابع عشر قام الوالي العثماني سنان باشا بإعادة بناء قبة الزيت والرصف في الصوح (صحن الجامع) .
وفي بداية القرن الماضي بنى الإمام يحيى مكتبة الجامع كما تمت إضافة أعمدة جديدة على امتداد الرواق الجنوبي جهة القبلة وتقوية سطح الرواقين الشرقي والغربي.
وشهد الجامع في سبعينيات القرن الفائت تجديد جزء من الجدار الغربي والشمالي وتسوية أرضيات الجامع بالموزايك وكذا تسوية الصوح
وبنيت مكتبة الأوقاف في الجهة الغربية في منتصف الثمانينيات من القرن الماضي .
وقياسا إلى كل مشاريع الترميم والتعديل والتوسعة السابقة فان المشروع المقرر انطلاقه بعد أيام يعد الأهم والأول من نوعه في التاريخ اليمني الحديث .
ويشير الخبراء إلى أن المشروع سيتضمن عملية ترميم شاملة تستخدم فيهاأحدث طرق الترميم بالاستعانة بخبراء محليون ودوليون وفق المعايير الدولية المرعية للحفاظ على المعالم التاريخية.

 



جميع الحقوق محفوظة للمركز الوطني للمعلومات - اليمن