الصفحة الرئيسية

القنصل اليمني في واشنطن : الكتابات والتصريحات المتحيزة لاتخدم قضية المعتقلين اليمنيين في السجون الأمريكية


اليوم:  31
الشهر:  يناير
السنة:  2009

 

مع قرار الرئيس الأميركي الجديد باراك أوباما إغلاق معتقل غونتانامو خلال عام مازال المعتقلون اليمنيون قابعين في سجن غوانتانامو دون الإفراج عنهم، ومازال الشيخ محمد بن علي المؤيد يعيش أحلك الظروف في غياهب سجن كلورادو والحالة الصحية التي يعيشها سيئة، ويدور حوله الكثير من الخفايا والأسرار. "السياسية" انتهزت فرصة تواجد القنصل اليمني بواشنطن الشيخ محسن راجح ابولحوم في العاصمة صنعاء وأجرت معه حوارا حول هذا الموضوع والعديد من القضايا السياسية والثقافية. 
• الجيل الجديد من ابناء المغتربين اليمنيين في اميركا له نشاط ملموس في الحياة السياسية والثقافية الاميركية
• القات مشكلة تجسد نفسها في اليمن وتنعكس على اليمنيين في كل مكان
• العلاقات اليمنية الأميركية ممتازة ومتينة، ونهج اليمن وسياسته الشفافة فيها من الحكمة والصدق والصراحة والوضوح
• صنعاء مازالت وستظل محافظة على طابعها الفريد والمميز والقوي امام الغزو المعماري الجديد

* الجالية اليمنية
** ماذا عن الجالية اليمنية في أميركا؟

ابولحوم: الجالية اليمنية في الولايات المتحدة الأميركية كبيرة فهم قرابة 200 ألف مغترب ويعيشون في ميتشجن وكاليفورنيا ونيويورك وبقية الولايات. ففي ميتشجن يصل عدد المغتربين إلى 40 ألفا وفي نيويورك وحدها 35 ألف مغترب وفي كاليفورنيا يفوقون 40 ألف مغترب، وباقي المغتربين موزعون بأعداد متفاوتة في بقية الولايات. وقد حرصت الدولة على الاهتمام بهم والتواصل معهم وتقوم بمعالجة وحل مشاكلهم من خلال السفارة ومكتب القنصلية في السفارة والقنصليات المتواجدة في ميتشجن ونيويورك وكاليفورنيا.
طبعا المغتربون الأوائل أعمالهم يدوية في مصانع ومزارع ومحلات تجارية. أما الجيل الجديد من المغتربين فإنك تجدهم موظفين في الدوائر والمؤسسات الحكومية، وتجد منهم الدكاترة والمهندسين والمحامين والكتاب، ولهم جمعيات ومؤسسات تقيم العديد من الفعاليات والأنشطة والاحتفاليات، ولهم إصدارات أدبية وصحف وأعمال ومكاتب خاصة بهم داخل أميركا، وحقيقة الجالية اليمنية في أميركا تمثل طاقة بشرية وثروة عظيمة يمكن الاستفادة منها في خدمة التوجه السياسي والاجتماعي والثقافي والاقتصادي في اليمن بما يدعم العلاقات الثنائية بين البلدين في جميع المجالات، ولدى الأخ السفير عبد الوهاب عبد الله الحجري توجه وتطلع في كيفية الاستفادة من هذه القدرات البشرية، لكن السفارة وقنصلياتها بحاجة إلى تجاوب الجهات والمؤسسات المعنية بالداخل لتحقيق تطلعات وطموح الأخ السفير.

** وما هو الدور الذي يمكن أن تلعبه القنصليات اليمنية في هذا الاتجاه؟
ابولحوم: السفارة وقنصلياتها كأي سفارة أو قنصلية في أميركا تقوم برعاية مصالح المغتربين اليمنيين ومتابعة قضاياهم وإصلاح أوضاعهم سواء من خلال مصلحة الهجرة والجوازات أم من خلال التواصل المباشر، والسفارة تقوم بتقديم الخدمات وحل مشكلات المغتربين في حدود الإمكانيات المتاحة.

** منذ أحداث سبتمبر تتعرض الجاليات العربية والإسلامية إلى الكثير من التمييز، كيف تقيم أوضاع المغتربين اليمنيين؟
ابولحوم: كانت الإجراءات مشددة عليهم وعلى الجاليات العربية والإسلامية الأخرى بعد الأحداث مباشرة، لكن حدث من المغتربين اليمنيين موقف غيّر من شدة تلك الإجراءات التي حدثت حينها، حيث قام بعض اليمنيين بتقديم شكوى لممثلهم في مدينة نيويورك، فنصحهم بأن يقوموا بأنشطة وفعاليات تثبت ولاءهم للبلد الذي يعيشون فيه، فقاموا بالتبرع بالدم في ذلك الأسبوع، فكان لذلك أثره الايجابي الكبير لدى السلطات المحلية في نيويورك نحو أبناء الجالية اليمنية، وهذا الحدث نقلهم إلى دائرة الاهتمام والرعاية، نظرا لمشاركتهم الفاعلة وتضامنهم مع ضحايا تلك الأحداث، وهذا يدلل على أن هذه الطاقة البشرية لو فعلت وانخرطت في الأنشطة الاجتماعية لكان لهم صوت مسموع داخل الولايات الأميركية وفي داخل الكونجرس كبقية الجاليات الأخرى الفاعلة هناك.

** لكن هناك من يتحدث عن نماذج وعادات سيئة في أوساط الجالية اليمنية، كمضغ القات مثلا...؟
ابولحوم: القات مشكلة تجسد نفسها في اليمن وتنعكس على اليمنيين في كل مكان. القات كان موجودا عند أبناء الجالية، ويزرع في مزارعهم من سابق، وقد تم منعه فيما بعد واقتلعت أشجار القات من جميع مزارعهم وأدرج القات في القانون الأميركي من ضمن الممنوعات.

* المؤيد والمعتقلون اليمنيون
** لنتحول إلى موضوع المعتقلين اليمنيين في غوانتنامو وقضية الشيخ المؤيد ومرافقه؟

ابولحوم: فيما يخص ملف المعتقلين في غوانتانامو فهذا من مسؤولية القسم السياسي في السفارة وتحت إشراف القائم بالأعمال. أما فيما يخص قضية الشيخ المؤيد ومرافقه فأنا مكلف بمتابعة قضيته ومرافقه محمد زايد، وبتكليف من فخامة رئيس الجمهورية لوزارة الخارجية بضرورة متابعة القضية. كما أن الأخ السفير يعطي جل اهتمامه لهذه القضية وقد قام بمقابلة العديد من المسؤولين في الجانب الأميركي لهذا الغرض، وقد كلفني بزيارة المؤيد في المعتقل بولاية كولارادو ومتابعة حالته الصحية ووضعه والتواصل مع محامية وقد قمت بزيارته أربع مرات. والجديد في هذه القضية هو إعادة محاكمته وأيضا تكليف الأخ السفير للأخ القائم بالأعمال بالسفر لزيارة الشيخ المؤيد ومرافقه يوم 22/1/ 2009 نظرا لتواجدي هنا في اليمن نتيجة مرض الوالد، وهذا التكليف لدليل واضح على اهتمام الأخ السفير بهذه القضية وجعلها ضمن أولوياته رغم انشغاله المتواصل. والعجيب أن الصحافة اليمنية قد أعلنت براءته والأمر غير ذلك، وكم أتمنى على الذين يحبون أن يكتبوا عن المؤيد أن يقتدوا بما كتبه نقيب الصحفيين اليمنيين الأستاذ الأخ نصر طه مصطفى والأستاذ القدير الدكتور عبد العزيز المقالح، بحيث تكون الكتابة بعقلانية يتم فيها المخاطبة الإنسانية وبالمناشدة التي تخدم قضية المؤيد ومرافقه، فالكتابات التي فيها تحيز، والتصريحات التي لا تبنى على معلومات صحيحة لا تفيد القضية.

** وكيف تقيمون مسيرة العلاقات اليمنية الأميركية؟
ابولحوم: العلاقات اليمنية الأميركية ممتازة ومتينة، ونهج اليمن وسياسته الشفافة فيها من الحكمة والصدق والصراحة والوضوح، حيث عرف أن نهج اليمن واضح وسياستنا الخارجية متميزة بالحكمة، وهو ما جعل هذه العلاقات تسير في المسار الطيب والمثمر لتحقيق الأهداف المنشودة وبما يخدم الشعبين والبلدين اليمني والأميركي.
ونتيجة لوجود السفير الأخ عبد الوهاب عبد الله الحجري المعروف بنشاطه المتميز وعلاقاته الواسعة فإن مستقبل العلاقات سيكون أفضل، وهو بالفعل خير من يمثل نهجنا السياسي وحكمة قيادتنا السياسية في العاصمة الأميركية واشنطن ليجعل اليمن من البلدان المرموقة في علاقتها مع الولايات المتحدة الأميركية.

* الهندسة المعمارية
** أنت مهندس معماري، فهل للشعر والتراث الشعبي أثر في تخصصك الهندسي؟

ابولحوم: تخصصي في الهندسة المعمارية، والهندسة المعمارية ليست حجرا وطينا و"بلوك" وأسمنت، بل هي تجمع بين الدراسات الاجتماعية والثقافية والأدب والفن والحضارة، وأنجح المهندسين المعماريين يكونون شعراء وفنانين ورسامين، وأنا لست شاعر لكني أتذوق الشعر وأستمتع به، أما التراث الشعبي الشفاهي والمرئي فإنه يؤثر في نفسي ووجداني ويشدني.
وتراثنا اليمني له طابع مميز ليس في نفوسنا فقط بل في نفوس الشعوب الأخرى وتشدهم عقولهم وأنظارهم إلى اليمن، لذا نجدهم يدركون عظمة الحضارة اليمنية وينظرون إلى حضاراتهم الحديثة، وبنيانهم الضخم يتضاءل أمام حضارتنا عند زيارتهم لصنعاء القديمة وشبام وزبيد ومأرب، وتجد أن كثيرا من السياح يتشوقون لزيارة اليمن ويحرصون على رؤية هذه الحضارة والتاريخ المترامي الأطراف في كل شبر من وطنا الحبيب.

** هل هناك دراسات في أميركا متخصصة في العمارة اليمنية؟ وهل أكملت رسالة الدكتوراه أثناء تواجدك هناك؟
ابولحوم: بعض اليمنيين يقدمون دراسات حول العمارة اليمنية، ورسالتي إذا قدر لي إكمالها ستكون حول المتغيرات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية وأثرها على العمارة في اليمن.

** حضرت مناقشة رسالة ماجستير حول الشاعر الكبير إبراهيم الحضراني في جامعة ذمار، ما هو انطباعك حول هذه المناقشة؟ وكيف تقيمون المشهد الثقافي في اليمن، خصوصا وأن هناك توجها جديدا لدراسة أدب وفكر كتاب وشعراء اليمن الكبار؟
ابولحوم: لقد كانت بالفعل سعادة بالغة أن ألبي دعوة الدكتور المشرف صبري مسلم، وإنها حقا لشرف عظيم أن أكون في ذلك الصرح العلمي الشامخ الذي يعتبر إحدى منجزات الثورة اليمنية ودليلا قاطعا على المسيرة التنموية التي يزخر بها اليمن تحت قيادة فخامة رئيس الجمهورية قائد المسيرة وحامي أهداف الثورة ومنجزاتها.
وقد سررت لما دار في تلك القاعة من النقاش الموسع والطويل لموضوع الرسالة والذي أضاف إليها روح وظلال الحضراني والزخم الإبداعي والفكري لديه، وما أثلج صدري وزاد من سعادتي هو رؤيتي لأسماء الرواد والمفكرين وعظماء الشعر والأدب على قاعات الجامعة، سواء الأحياء منهم أم الذين قضوا نحبهم، مثل: الموشكي، الوريث، البردوني، المقالح... الخ؛ وهو دليل وفاء يعطي أملا بأن الثقافة اليمنية متجذرة ومتجددة، ومازالت الثقافة اليمنية حقيقة تنبض بقلب الإبداع وتزدهر بفروع الأدب والفكر والفن والثقافة ولم ولن تموت، وإن كان البعض من هؤلاء العظماء والمفكرين والأدباء قد رحلوا عن المجتمع وغابوا عن الأنظار إلا أنهم مازالوا أحياء بيننا بشعرهم وفكرهم وأعمالهم وبصماتهم العظيمة في الإرث والتاريخ والثقافة اليمنية والفكر الإبداعي، وإذا غاب المفكر والأديب سطعت ثقافته من خلال الأجيال، وأشرقت شمسه بجهود الطلبة والدارسين والباحثين.

** صنعاء القديمة ومعظم المدن التاريخية تتعرض لهجمة شرسة في البناء الخراساني والمخالفات التي تشوه المنظر والطابع التاريخي والحضاري لهذه المدن... كمهندس معماري، كيف تنظر لذلك؟
ابولحوم: صنعاء مازالت وستظل محافظة على طابعها الفريد والمميز والقوي أمام الغزو المعماري الجديد، حيث ظل هذا الطابع هو المسيطر والجذاب، والمشاهد يجد ذلك عند النظر إلى صنعاء سواء عند زيارتها أم عند رؤيتها مباشرة أم عند النظر إليها من خلال الصور والكتب.
فمن الصعب أن تندثر مدينة مثل صنعاء. كما أن هناك دعوة عالمية للمحافظة عليها، نظرا لتميزها بالطابع الفريد وجمالها الخلاب الذي جعلها مدينة تاريخية وتحفة فنية حية بدون مبالغة.
وحقيقة إن غزو المباني من الكتل والأعمدة الخراسانية والبلوك قد شوه المدن التاريخية وليس مدينة صنعاء فحسب، إلا أن قوة شخصية هذه المدينة التراثية جعلها هي المسيطرة في المنظر على الأبنية المستحدثة، لذا تجد أن قوة شخصية الأبنية القديمة تشد العين والعقل أكثر من المباني الجديدة.

** هناك من يتحدث عن احتمالية اندثار بعض المدن الأثرية في اليمن وغيابها عن خارطة التراث العالمي بسبب الإهمال...؟
ابولحوم: أنا على يقين من أن هذه نظرة غير صحيحة وبعيدة عن الواقع، خاصة وقد أخذ فخامة رئيس الجمهورية على عاتقه حماية أهداف الثورة، الوطن، الوحدة، التاريخ، والحضارة والتراث.
كما أن اليمن يزخر بالكثير من المهندسين والمثقفين والمفكرين الداعمين والحريصين على الحفاظ على هذا الطابع وهذا التراث، والذين ستظل أصواتهم مسموعة ولن يسمح أحد لمثل هذه الأمور أن تتفاقم، وما إنشاء الهيئة العامة للمحافظة على المدن التاريخية واللجنة الوطنية العليا للمحافظة على صنعاء القديمة إلا دليل واضح على وجود وعي وتضامن للمحافظة على تراثنا ومدننا القديمة، والمسؤولون والقائمون على مدننا التاريخية لن يألوا جهدا في المحافظة على هذا التراث العظيم، ولهذا فأنا أستبعد مثل هذا الاحتمال.

** منذ عام 2004 وأنت غائب عن الوطن وتعتبر هذه أول زيارة لك إلى اليمن، فكيف وجدت الوطن؟
ابولحوم: هناك تنمية شاملة وتغييرات جذرية كبيرة قد حدثت، مثل الطرقات الواسعة والأنفاق في جميع التقاطعات الرئيسية في مدينة صنعاء والحركة العمرانية العظيمة واضحة للعيان والبناء الاقتصادي والتنموي واضح وملموس والدولة تبذل جهودا عظيمة، وفخامة الأخ الرئيس مهتم بهذا الجانب اهتماما بالغا، كما أنه وباستمرار يوجه بمعالجة الكثير من المشاكل التي تعانى منها المدينة.

صحيفة السياسية

 



جميع الحقوق محفوظة للمركز الوطني للمعلومات - اليمن