الصفحة الرئيسية

دويد : الديمقراطية بحاجة الى رصيد وقبول اجتماعي و مفاهيم الامامة والاستعمار مازلنا نعاني منها حتى اليوم


اليوم:  27
الشهر:  مايو
السنة:  2009

الصعوبات التي تواجهها محافظة صنعاء في مجال التنمية هي نفسها التي تواجهها محافظات الجمهورية . 
وقال أن الشعب اليمني عاش ظلماً كبيراً تحت الاستعمار وحكم الإمامة وقد أجبر على أن يجهل الكثير من مفاهيم الحياة.
كما قال محافظ محافظة صنعاء نعمان دوين، أن معيار الناخب للشخص هو طيبته وعلاقته الاجتماعية وحسن تعامله مع الآخرين وليس مؤهلاته 
* نود تُطلعوا القارئ على أهم ما شهدته المحافظة من تطور في مجالات البنية التحتية.. مشاريع خدمية، إنمائية على مستوى المركز والمديريات في عهد الوحدة المباركة خلال 19 عاما الماضية؟ 
- شهدت محافظة صنعاء خلال الـ19 عاما الماضية من عهد الوحدة المباركة تطورات ملموسة في شتى المجالات الخدمية والتنموية ساهمت وبشكل كبير في خدمة مسيرة التنمية بالمحافظة بمديرياتها المختلفة، حيث بلغ عدد المشاريع المنجزة ألفين و64 مشروعا في مختلف المجالات التنموية والخدمية، تم تمويلها من مصادر التمويل المختلفة (مركزي، محلي، صناديق داعمة وجهات مانحة) بتكلفة إجمالية بلغت 54 مليارا و646 مليونا و547 ألف ريال. 
ويأتي هذا التطوّر كثمرة من ثمار الوحدة المباركة والتوجهات الصادقة للقيادة السياسية ممثلة بباني نهضة اليمن الحديث الرئيس علي عبد الله صالح، رئيس الجمهورية، الذي لم يألُ جهدا في توجيه الحكومات المتعاقبة بضرورة الاهتمام بالتنمية الشاملة لعموم اليمن أرضا وإنسانا. 

* ما هي التحديات والصعوبات التي واجهت عملية التنمية في المحافظة؟ والجهود المبذولة لمعالجتها؟ 
- في الواقع الصعوبات في عملية التنمية التي تواجهها محافظة صنعاء هي نفسها التي تواجهها محافظات الجمهورية فاعتقد ما عاشه الشعب اليمني من ظلم في سنوات الظلم سواء تحت الاستعمار أو تحت حكم الإمامة، والذي أجبر فيه الشعب اليمني إلى أن يجهل، وأن يفقد مفاهيم الحياة، هذه كلها انعكست على حياة المجتمع وما زالت حتى اليوم، فنحن اليوم نتعامل مع الجيل الذي كان تحت ظل الاستعمار والجيل الذي كان تحت ظل حكم الإمامة، وأيضا الجيل الجديد الذي هو جيل الوحدة والثورة، فما زالوا كلهم يعيشون في وطن واحد وفي ساحة واحدة، وحتى نتعامل مع الجميع بنفس واحد، هناك البعض يفاجأ بحجم التنمية التي تحصل اليوم، والبعض الآخر لديه طموح أكثر من حجم التنمية التي تحصل اليوم، حيث أصبح العالم صغيرا، وأصبح الشباب من مواليد الثورة أو الوحدة اليوم يستطيعون أن يطّلعوا على تجربة العالم كلها، ويرى إلى أين وصل العالم فيريد في ليلة وضحاها أن يحقق ما حققه الآخرون، وأن يقفز تلك القفزة الكبيرة، إلا أننا أيضا حينما ننظر للأولين والآباء الذين تعايشوا مع حكم الاستعمار ومع حكم الإمامة، فإنهم يرون أن ما تحقق اليوم عمل كبير بكبر طموحهم. 

* ما هو تقييمكم لدور المجالس المحلية وإسهاماتها في خدمة مسيرة التنمية وتعزيز المشاركة الشعبية في صنع القرار؟ 
- اعتقد أن وجود المجالس المحلية، في هذه الفترة بالذات، كان له أثر كبير في تحقيق مشاريع عدّة وبالذات المشاريع الصغير التي كانت السلطة المركزية تواجه مشكلة في تحقيقها من خلال متابعة كل مشروع صغير، اليوم تُركت السلطة المركزية لمتابعة المشاريع المركزية، ونلاحظ اليوم أن الجامعات والمستشفيات والطرق، الشيء الكبير تتابعه السلطات المركزية ويتحقق بشكل ممتاز، بينما اهتمت المجالس المحلية بهذه المشاريع الصغيرة، وهو عمل ممتاز حتى اليوم، في ظل الظروف الموجودة. 
وطبعا الانتخابات لا تعزز الاحتياجات التي نحتاجها في السلطة المحلية، وما تعطينا مختصين، الانتخابات تأتي بمعيار الناخبين، معيار الناخب للشخص هو طيبته وعلاقته الاجتماعية وحسن تعامله مع الآخرين، لا تأخذ بمؤهلاته ولا تراعي أشياء أخرى للجانب الفني الذي نطلبه، لكن أيضا تجربة المجالس المحلية تجربة ناجحة ورائدة، وأعضاء المجالس المحلية يعطوا دورات تدريبية ويحتاجون إلى وقت فقط، حتى ينسجموا مع المكاتب التنفيذية ويستطيعون تأدية واجباتهم بشكل أفضل، فأعتقد هذا هو الدور الجيِّد للمجالس المحلية واستطاعوا اليوم تحقيق الكثير. 

* وماذا عن الموارد؟ 
- هنالك موارد مركزية للأسف تجبى من قبل سلطات مركزية، مثل: كبار المكلفين في الضرائب, هؤلاء يجبون الضرائب عن أكبر الشركات الموجودة والمؤسسات داخل اليمن وتجبى هذه لمحافظة من المحافظات فقط، بينما الخدمة موجودة في كل المحافظات, على سبيل المثال: الاتصالات.. الاتصالات خدمة موجودة في كل المحافظات، وخدمة يستهلكها الكل، ونحن نجبى عليها كُلنا فكيف لا تعود ضرائبها أو زكاتها لنا كمحافظات؟ تعطى فقط للشركة التي يُعمل فيها حساب ختامي، والذي فيها المكتب الرئيسي للشركة، أعتقد هذا مفهوم غير صحيح، ولا يعطي التوازي والتوازن الحقيقي لعملية التنمية ومواردها، فهذه من الرؤى التي سنقدِّمها للمؤتمر، أنا أعتقد أنها من الأشياء التي ممكن تنقلنا إلى الحكم المحلي واسع الصلاحيات. 

* كيف يمكن أن يساعد نظام الحكم المحلي واسع الصلاحيات في تطوير عملية التنمية بالمحافظة ومديرياتها؟ 
- طبعا، في أشياء كثيرة، بداية الحكم يأتي من المديرية، إذا لم تكن المديرية متمكنة ومتهيئة لهذا الحكم فلا يمكن أن نتحدّث عن حكم محلي واسع الصلاحيات، أساس الدولة يبدأ من المديرية، مدير المديرية يجب أن يأخذ مكانه وموقعه، وأن يصنع القرار كما يصنع المحافظ القرار في المحافظة، كما يستطيع غيره أن يصنع القرار في موقع عمله، ولهذا نعتقد أن البداية تكون من المديرية، وعندنا رؤية كيف نبدأ من المديرية الخطوات الأولى التي يجب أن نتخذها من أجل خلق بيئة مؤسسية صالحة لتطبيق نظام الحكم المحلي بالمديرية. 
هذه خطوات ومكتسبات تحققت في ظل تحقيق أكبر منجز حققه اليمنيون، وهو الـ22 من مايو 1990. هذا المشروع الذي أعاد لليمنيين كرامتهم وعزتهم، عرفنا بالفعل معنى القوة بعد حالة الضعف، معنى العزة بعد الذل، عرفنا مفاهيم كثيرة كنا نفتقدها في المجتمع اليمني، كنا مجتمعا ضعيفا بالفعل وأصبحنا مجتمعا قويا، اليوم مجتمعنا يتفاخر بمنجزات كثيرة ومنجزات عدّة منها مفهوم الديمقراطية، منها نظام الحكم المحلي، السلطة المحلية، طبعا مفهوم الديمقراطية يجب أن يفهم الكثير ما هو مفهوم الديمقراطية، كثير من الناس يجحدون ولا يفهمون معنى الديمقراطية، الديمقراطية بالأمس كانوا رؤساء لليمن (حيدر أبو بكر العطاس رئيس وزراء ورئيس في الجنوب) أعلن في التليفزيون أنه كان ضد ولا يؤمن بمبدأ الاشتراكية، وكان على قمة هرم الحزب الاشتراكي، انظر كيف كان يعيش النفاق السياسي في تلك المرحلة، كيف هي نعمة الديمقراطية اليوم، إنها ما تخليك تعيش نفاقا سياسيا للإنسان الضعيف، ذاك عاش حالة نفاق سياسي وهو رئيس حكومة ورئيس دولة، فالذي لا يعرف الديمقراطية ولا يعرف قيمتها عليه أن يتذّكر كيف كان حاله. 
واليوم يقول أين الديمقراطية؟ هذه الديمقراطية هو لم يفهمها، وما زال يعيش في قوته أو ضعفه، ما زال يعيش حالة نفاق، لكن هو حال الديمقراطية، كيف كنا بالأمس وكيف أصبحنا اليوم؟ اليوم كلنا نساهم في اختيار محافظي المحافظات، الرجل الأول في المحافظة، اليوم ينتخب من الشعب مثلما ينتخب رئيس الجمهورية. 

* كيف عززت عملية انتخاب المحافظين من تطبيق مبدأ اللامركزية وانعكاس ذلك على مستوى الخدمات المقدّمة للمواطنين في سير عملية التنمية؟ 
- بالفعل هي خطوة شجاعة، وكان الآخرون يقولون إنها مغامرة سياسية، والمغامرة السياسية قد يدفع الشعب ثمنها، وقد يدفع النظام ثمنها؛ لأن النظام الذي يريد أن يحكم بعصا من حديد لا يجب أن يفرّط بالمركز الأول في المحافظة والأساس. 
ممكن تفرِّط في وزارة وتستطيع أن تشكِّل وزارة في اليوم التالي، لكن عند ما تقبل انتخاب محافظين فأنت انتخبت الرجل الأول بسلطة، أيضا يصاحب الانتخابات سلطة حكم محلي، هذه اعتبرها البعض مغامرة سياسية، مغامرة غير محسوبة للنظام، لكن عند ما يكون النظام واثقا من نفسه، ويتعامل بأخلاقيات وقيم مجتمع لا خوف عليه؛ لأنه يعرف المجتمع الذي يتعامل فيه، ويعرف أن المجتمع لن يختار إلا أناسا لهم رصيد. 
الديمقراطية مشكلتها أن البعض يعتقد أنه ممكن يتخطاها بمداعبة سياسية، الديمقراطية بحاجة إلى رصيد اجتماعي، رصيد وطني، تريد قبولا اجتماعيا من الناس، إذا لم يوجد القبول هذا لن توصلك الديمقراطية إلى شيء، لهذا السبب البعض كان يعتقد أن الديمقراطية شعار، وفهمه للمراوغة السياسية أنها ممكن أن توصله إلى مركز من المراكز، وهذا ما كان يتم في العمل الحزبي. 
وكانوا يتخطون أشياء كثيرة، ويصلون إلى مناصب، كان بالمناسبة ينتخب أعضاء مجلس الشعب في الجنوب أثناء حكم الحزب الاشتراكي من محافظة، وينقلونه إلى مديرية معيّنة، ناس لا يعرفونه وينتخب، فكانوا يعتقدون أن الديمقراطية ستظل بالمفهوم نفسه، وأنه قليل من العراك والحديث والخطاب السياسي المفبرك ودغدغة المشاعر ممكن يوصله. 
الديمقراطية لا تريد الكذب، السياسة قد يكون فيها كذب، لكن الديمقراطية لا، وأنت تتعامل مع المجتمع نفسه، المجتمع يريد قبولا، ممكن تخدعه مرّة لكن لا تستطيع خداعه مرة أخرى، ولهذا السبب من حاول أن يحصل عليها بهذه الطريقة خسر، تحدثوا أكثر مما تحدثت الأحزاب الأخرى، نشروا الصحف أكثر، هي ليست بعدد الصحف ولا بعدد الأحاديث، ولا بعدد الكلمات الكاذبة للتضليل بتحقيق شيء، في الأخير لا يحقق إلا النسبة التي تعبِّر عن وجوده. ولهذا السبب كان هناك ثقة في أن المجتمع أصبح واعيا لعملية الديمقراطية، واعيا لاختيار من يمثله. وما هو موجود اليوم، اعتقد أنها بداية، ما أقول إننا قد وصلنا، ولكن هي بداية شجاعة وقويّة، واعتقد أنها ستعزز مع الأيام القادمة، لكن بدأنا نصنع الحدث، الحدث بدأ صُنعه في يوم 17 مايو 2008، يوم انتخاب المحافظين، يوم الاقتراع، يعني يوما جديدا بالنسبة لمجتمعنا، وهو بداية لواقع جديد بالنسبة لمنصب المحافظين، اعتقد ستليه خطوات جديدة ومنجزات أخرى. 

*
كيف ينظر أبناء المحافظة إلى منجز الوحدة العظيم؟ 
- لو سألت المجتمع اليمني اليوم كيف ينظر إلى أعظم منجزات الدنيا بالنسبة لنا وهي الوحدة اليمنية، لا أعتقد ما من لسان في اليمن وما من قلب وما من عقل وما من فؤاد إلا وتغزّل بالوحدة اليمنية قبل أن تتحقق، ويوم تحققت كان هناك شعور عجيب جدا، صدمة بالنسبة لنا كُلنا، هل من المعقول أن نحقق في هذه اللحظات وحدة تمناها الآباء والأجداد وناضل من أجلها الكثيرون؟ في ذلك اليوم تذكرنا كم دماء ذهبت، كم أناس تغزلوا بها، فكان حدثا كبيرا، ما زلت أتذكر تلك اللحظات والعلم يرفع في عدن الصامدة، يمثل مرحلة جديدة بالنسبة لنا، ذاك أصبح مولودا جديدا صعبا تغيير تسميته، أنت اليوم موجود، لو غيّروا اسمك اليوم لن تقبله، لو تغيّر اسمي اليوم لن أقبل (كبرنا)، كان في مولدك، وقبل أن تعرف نفسك، ممكنا، لكن بعد ما عرفتها صعب. فالوحدة بعد ما عرفناها صعب علينا أن نغيّر اسمها، لا يوجد أحد مستعدا لذلك؛ لأنها حققت لنا أشياء كثيرة. 
أمس كان فقط، أنا لا أتكلم عن منجزات البناء والإعمار؛ لأنه في أي لحظة من اللحظات ممكن نتجاوز هذا، وممكن نبني أعظم مما بنيناه اليوم؛ لأن الآفاق بدأت تتفتح، ولو حصل قليل من الأمن والاستقرار وتركنا هؤلاء الأفاعي ممكن نعمِّر أكثر مما عمَّرنا اليوم بسهولة. 
أن نصنع المال ليس صعبا، أن نحقق البناء ليس صعبا، لكن هناك شيء صُنع فينا، هو كرامة الإنسان اليمني وكرامة وطن، بالأمس كانت كرامة الوطن ضائعة، كان الآخرون يستغلون حتى اسم اليمن، عند ما كان مقسّما كان ضعيفا، كانت كرامة المواطن غائبة، يعني ما ذنبي كمواطن يمني كنت تحت نظام شمولي أو تحت نظام شمولي اشتراكي ماركسي أُضعفت في كل شيء سُلبت تفكيري، سلبوا مني حرية رأيي، سلبوا مني كل شيء (تجارتي، مالي، بيتي) وما استطعت أن أدافع عليها، هذا هو سلب كرامة، فيكفينا إعادة كرامتنا أولا، كرامة الإنسان، ومثلما قُلت: كان أناس كبار على أعلى مستوى (العطاس، البيض) أو غيرهم، ولو سألتهم كلهم سيقولون إنهم كانوا يعيشون حالة نفاق سياسي، ما كان في واحد يمتلك كرامته، ولا يستطيع أن يتخذ قرارا.
 

صحيفة السياسية

 



جميع الحقوق محفوظة للمركز الوطني للمعلومات - اليمن