الصفحة الرئيسية

الأمين العام لمجلس الوحدة الاقتصادية العربية: حكومة الوفاق الوطني استطاعت أن تنزع فتيل التدهور الاقتصادي


اليوم:  18
الشهر:  أكتوبر
السنة:  2012
أشاد الأمين العام لمجلس الوحدة الاقتصادية العربية محمد الربيع بجهود حكومة الوفاق الوطني التي استطاعت أن تنزع فتيل التدهور الاقتصادي.

وأضاف: "حاولت الحكومة أن تداوي الجروح التي أصابت الاقتصاد الوطني على مدى سنة ونصف، وهي لا تستطيع في شهور قليلة أن تصلح فساد سنوات طويلة.

وأكد الربيع أن اليمنيين قادرين على تجاوز هذه المرحلة من خلال نسيان الماضي والاهتمام بالمستقبل، منوها ان على اليمنيين ان يسعو لإقامه دولة المؤسسات.

الربيع لم يخفي تفاؤله بالتغيير الذي أحدثته ثورات واحتجاجات دول الربيع العربي التي أكد أنها ستجعل الاقتصاديات العربية، اقتصاديات تكاملية، معتبرا ان التغيير أثر على مجمل الاقتصاديات العربية.

وتحدث الأمين العام لمجلس الوحدة الاقتصادية العربية حول المشروعات التي يسعى المجلس لتبنيها والى الجهود التي تبذل للعمل على التقليل من تدهور الاقتصاديات العربية، إضافة إلى قضايا اقتصادية متعددة .. وفيما يلي نص الحوار.

- أنشئ مجلس الوحدة الاقتصادية العربية في منتصف الخمسينيات من القرن الماضي، وباشر عمله فعلياً منتصف الستينيات، ورغم تقدم المؤسسات والمنظمات المعنية بالشأن الاقتصادي في جامعة الدول العربية، إلا أن تدني الوضع الاقتصادي عربيا هو السائد، كيف تنظر إلى ذلك؟

- عندما بدأت الجامعة العربية عام 1945 كان أنشاؤها معني بوضع أسس ومعايير للعمل الاقتصادي العربي المشترك، لهذا كان التفكير في إنشاء مجلس الوحدة الاقتصادية العربية في عام 1957، كأول المنظمات التابعة للجامعة، وبناء على ذلك تم إعداد اتفاقية الوحدة الاقتصادية العربية بمشاركة كل الدول العربية، وبدأ مجلس الوحدة الاقتصادية العربية يمارس عمله بتحديد خمسة أهداف تتعلق بقيام وحدة اقتصادية عربية شاملة، الا انه ما مرت به المنطقة من أحداث وحروب حال دون تحقيق ذلك.

- ماذا عن العمل العربي الاقتصادي المشترك؟

- في نطاق الجامعة العربية تم الانتهاء من منطقة التجارة العربية الحرة ، وبدأنا في الأعداد لقيام الإتحاد الجمركي على بدايات العام 2015، ومن خلال هذا الإتحاد، نسعى لإقامة السوق العربية المشتركة مع بداية 2020.

- هناك من يقول ان هذا الكلام على الورق أكثر مما هو واقع يعود بالفائدة على المواطن العربي؟

- مع الأسف الشديد إن المواطن العربي لم يتحقق له الحلم بأن يرى الأمة العربية قد توحدت ولو حتى على المستوى الاقتصادي، وذلك لأسباب وأحداث طارئة لم تكن في الحسبان ومنها الحروب والخلافات العربية العربية، وذلك كله أثر على الجانب الاقتصادي.

- هذا يعني ان الشأن الاقتصادي لم يأخذ أي اهتمام من قبل الحكام العرب؟

- انا لا أقول هذا، وبرغم كل ذلك فقد تحققت الكثيرة في فترات متعددة، خصوصا في السبعينيات من القرن الماضي، الا أنها لم تستكمل فمثلا –وهذا يعرفه الكثيرين- قامت عدد من الشركات العربية المشتركة في مجالات تنمية الثورة الحيوانية، والتعدين، والتنمية الصناعية، وكذلك في المستلزمات الطبية والأدوية.
- ترجع في حديثك أسباب الإخفاقات الاقتصادية إلى الأوضاع العربية وما صاحبه من أحداث سياسية وعسكرية في المنطقة .. هل يمكن أعادة ترتيب أولويات الشأن الاقتصادي العربي في ظل التغيير الحاصل حالياً في بعض الدول العربية وتأثر الدول الاخرى به؟

- هناك محاولات جادة للنهوض بالوضع الاقتصادي العربي، وقد تم حلحلة بعض المعوقات التي تقف أمام تفعيل منطقة التجارة العربية الحرة، والسوق العربية المشتركة، وتم بالفعل البدء في الخطوات الأولى للتكامل الاقتصادي العربي، لكن تظل الأحداث السياسية عائق أمام أي اتفاق لنهضة اقتصادية، وقد أسهمت القمم الاقتصادية العربية بشكل او لأخر في إيجاد الحد الادني من التنسيق بين الدول العربية على المستوى الاقتصادي، وكانت قمة الكويت الاقتصادية التي قدم فيها أمير الكويت مبادرة بإنشاء أول صندوق دعم للصناعات الصغيرة والمتوسطة، وهي مبادرة لإعادة إستراتيجية الصناعة العربية المتوسطة، ووصل رأسمال هذا الصندوق الى مليار و380 مليون دولار حتى الان، والصندوق بصدد استهداف سبعة دول عربية تعتبر من الدول الأقل نمواً عن غيرها من الدول العربية، وهي دول بحاجة إلي دعم اقتصادها حتى ترتقي بنفسها إلي مستوي دول عربية أخرى.
- كيف يمكن للاقتصاديات العربية أن تحقق نمو وتكامل اقتصادي فيما بينها؟
- لابد من إيجاد بنية تحتية لأي اقتصاد يسعى إلى النمو والازدهار، ولكن للأسف المنطقة العربية لا توجد فيها بنية تحتية يتكامل فيها الاقتصادي العربي، وقد أولت القمم الاقتصادية اهتماماً خاصة بالبنية التحتية مثل الربط الكهربائي والربط الطرق البرية أو البحرية بين الدول العربية، وهذه وسائل أساسية لتنمية أي اقتصاد لتسهيل انتقال الأفراد والبضائع والمستلزمات الإنتاجية.

- ما هي أهم مشاريعكم في هذا المجال؟

- نحن بصدد إعداد دراسة لإنشاء شركة عربية للنقل البحري تقوم بها خمسة اتحادات عربية تختص بالنقل، وتعمل في إطار مجلس الوحدة الاقتصادية العربية، وستربط الشركة المزمع تأسيسها بين دول المغرب والمشرق العربي تبدأ رحلتها من موريتانيا مرورا بقناة السويس كمحطة أولى ثم ميناء جدة الإسلامي محطة ثانية وتنتهي في ميناء صلالة بسلطنة عمان.

- ما هي الجدوى من أقامة مثل هذا الخط، والتجارة البينية بين الدول العربية وخصوصا دول المغرب والمشرق محدودة؟

- تتأثر شركات الاستيراد العربية بعدم انتظام رحلات نقل البضائع بين الدول العربية، وهذا بالضرورة يؤثر على مصداقية رجل الأعمال في الإيفاء باحتياجات الأسواق من المنتجات أو المحاصيل، وهذا أضعف التوجه نحو تنمية التجارة البينية العربية التي مازالت تتراوح عند 10% بين التجارة البينية العربية الكلية ويمثل النفط معظمها.

- هل تعتقد ان خطوط النقل هي السبب الرئيس في تدني ارقام التجارة البينية العربية؟

- هناك نقطة أخرى في غاية الاهمية، وهي أن عملية تكرار الاستثمار في السلع التي يتم إنتاجها عربياً، يسهم في ضعف التجارة البينية، فالسلعة الواحدة احياناً يتنافس على تصنيعها أكثر من مستثمر في كذا بلد عربي، وهذا ينتج لنا عدد خيالي من السلعة الواحدة تتنافس مع بعضها في سوق عربي واحد، في الوقت الذي لم يتم التعامل مع السلع الأهم والتي يتم استيرادها من الخارج، وتشكل فاتورتها ارقام خيالية، وهذا قلل من حجم الطلب الفعلي على المواد المنتجة عربياً، والتي وصلت إلى أعلى سقف لها وهو 10%، بينما يتم استيرادها 90% من احتياجات الدول العربية دول العالم المختلفة.
- هل قدمتم حلول لهذه المفارقة؟

- نحن نسعى للحد من الاستثمار في السلع التي تنتج عربيا وقد تم الاكتفاء منها، ونعمل على حث المستثمرين للاستثمار في السلع التي يتم استيرادها من الخارج وفي مجالات الصناعات التكنولوجية وقطع الغيار.

- مؤخرا ذكرت في تصريحات مختلفة أنكم بصدد تنفيذ عدة مشاريع مشتركة عربيا في المجال الاقتصادي؟

- بالفعل نحن بصدد دراسة الاستثمار في المنتجات التي يتم استيرادها من الخارج، وهى قائمتها طويلة، ومن الصعوبة تنفيذها مرة واحدة، ونعد للاستثمار في أهم ثلاثين سلعة تتصدر السلع التي يتم استيرادها، وترتيب أولويات سلم الاستثمار فيها، لتصبح مشروعات اقتصادية مشتركة تتعامل مع المزايا النسبية لكل دولة عربية على حداه، لخلق تكامل بين الأسواق العربية بما يحقق لنا إمكانية الترويج لمقاييس ومواصفات المنتجات العربية التي تكون مخرجاتها سلع يكتب عليها صنع في الوطن العربي.

- هل هناك تفاعل بين الحكومات ورجال الأعمال؟
- لا شك أنه لا يمكن للقطاع الخاص أن يعمل بمنأى عن القطاع الحكومي فالقطاع الحكومي هو المرجعية للتشريعات والقوانين، وللأمانة أن هناك تفاعل كبير جداً، ولكن يظل أعداء الأمة العربية دائما لا يتمنون لهذه الأمة أن تنهض.

- هذا يعني أنك تؤمن بنظرية المؤامرة؟

- أكيد.. أول دولة تسعى لإجهاض أي تكامل اقتصادي عربي أو وحدة اقتصادية أو سياسية هو الكيان الإسرائيلي.

- الا تعتقد أن موضوع المؤامرة، أصبح شماعة تتحجج به الأنظمة والشعوب العربية كمبرر لفشلها؟

- هي ليست شماعة، ولك أن تنظر في الامتيازات التي تمنح للمنتجات العربية التي لديها اتفاقيات اقتصادية تصنعيه مع الكيان الإسرائيلي، مثل اتفاقية "الكوينز" التي تمت بين مصر والأردن والكيان الإسرائيلي، وهي تعطي ميزة وتفضيل للمنتج العربي الإسرائيلي في التصدير إلى أمريكا ودول أوروبا أكثر من المنتجات العربية بل وتعطيها امتيازات جمركية وضرائبية لا تمنح للمنتج العربي، وهذا يسهم في وضع العراقيل أمام تصدير المنتجات العربية الى العالم.

- هل القطاع الخاص العربي مؤهله للمشاركة في المشاريع الإستراتيجية التي تقومون حاليا بدارسة جدواها؟
- لقد غيب القطاع الخاص كثيرا عن توجهات تنمية القطاع الاقتصادي العربي، والقطاع الخاص هو المرتكز الحقيقي الذي لن يتحقق بدونه اي نهضة للاقتصاد العربي، ونحن نسعى لدعمه بشتى الوسائل ليتمكن من مواجه التعسف الذي تتعامل به الدول المصدرة لمستلزمات الإنتاج والسلع الضرورية.

- وكيف يتم تفعيل دور رجال الاعمال؟

- مع الإعلان عن القمم الاقتصادية العربية بدأنا في التواصل مع القطاع الخاص والدفع بمعنوياته، وقد شارك القطاع الخاص في اجتماع مخصص له في قمتي الكويت وشرم الشيخ الاقتصاديتين، ونحن الآن نعد لمشاركة القطاع الخاص في قمة الرياض في يناير القادم، وفي المجمل فان القطاع الخاص العربي هو قطاع وطني وقومي، واستطعنا أن نكون كمجلس الوحدة الاقتصادية العربية كجسر يوصل هذا القطاع الاقتصادي إلى القطاع الحكومي.

- هل من جهود تبذل من قبلكم وتلمستم نتائجها خلال عملكم كجهة تابعة لجامعة الدول العربية مع الحكومات العربية المختلفة لرفع سقف قناعات هذه الحكومات ومنح صلاحيات أكثر لقطاع رجال الأعمال؟

- سعت القمم الاقتصادية إلى دعم القطاع الخاص، ولتفعيل مساهمته في التنمية ودفع عجلتها إلى الأمام، ونحن في جامعة الدول العربية عقدنا اجتماع ضم أربعة منظمات تابعة للجامعة العربية هي منظمة العمل العربية والمنظمة العربية للتنمية الإدارية والمنظمة العربية للتنمية الصناعية ومجلس الوحدة الاقتصادية العربية، ويعد هذا الاجتماع المتخصص الأول الذي يضم منظمات متخصصة برئاسة الأمانة العامة للجامعة لتوحيد جهودها من أجل وضع اللمسات الحقيقة لدفع القطاع الخاص نحو التكامل مع القطاع الحكومي، ورسم سياسات متوازية مع بعضها البعض، بعيدا عن سلبيات الماضي.

- ما هو أهم ما تناوله الاجتماع؟
- تناول الاجتماع دراسة امكانية إنشاء مشروعات مشتركة محددة زمنياً ومكانياً ومالياً تهدف الى تشابك المصالح وتحقيق منظومة واحدة سواء على مستوى الأيدي العاملة أو رؤوس الأموال، ونحن نسعى للعمل بطريقة تكاملية ما بين القطاع الخاص والحكومي، ونعد لعقد مؤتمر سنوي لمناقشة أبعاد تنفيذ هذه المشروعات، لأنه ليس المهم أن تنفذ مشروع ولكن هل المشروع حقق أهدافه.

- في تفاصيل حديثك أراك تركز على المؤتمرات التي تعقدونها، وفي الغالب تأخذ هذه المؤتمرات جانب تنظيري أكثر من كونها واقع يمكن تنفيذه؟

- نحن عندما نعقد المؤتمرات نبتعد عن المؤتمرات النظرية، ونقوم بعقد وتنفيذ ورش عمل تناقش الجوانب التنفيذية على أرض الواقع، ومدى الاستفادة منها.

- السؤال هو ماذا نحتاج الان كدول عربية؟

- نحتاج كدول عربية أن نسهم في تحقيق الأمن الغذائي والاقتصادي لدولنا، وللأسف نحن نواجه مشاكل في المياه والغذاء والدواء، هناك تفاصيل كثيرة نحن بحاجة لاستيعابها لأن القادم أصعب.
- ما مدى تأثير التغييرات التي حصلت في بعض الدول العربية على الاقتصاديات العربية؟
- تعامل التغيير مع سلبيات فرضتها الأنظمة العربية، وأثرت بالفعل علي مجمل الاقتصاديات العربية، وأنا أرى أن هذا الثمن مرحلياً قد يؤثر على الاقتصاد العربي، والتصحيح يحتاج إلى وقت، والسؤال الذي يفرض نفسه كيف يمكن للأنظمة الجديدة ان تعطي مؤشرات ايجابية تعمل على طمئنت المستثمرين لعودة استثماراتهم.

- هل أنت متفاءل؟
- نعم أنا متفاءل بأن ثورات التغيير ستعيد الأمور إلى نصابها الحقيقي، وسنجعل الاقتصاديات العربية، اقتصاديات تكاملية.

- تأثر الوضع الاقتصادي في اليمن خلال العام الماضي بسبب تداعيات الاحتجاجات وموجة التغيير، كيف تقيم الوضع الاقتصادي في اليمن بعد توقيع المبادرة الخليجية وعقد مؤتمر أصدقاء اليمن والمانحين؟

- لقد أثر الفساد الذي سيطر على مؤسسات الدولة في بلادنا على الاستثمارات ودخول المستثمرين، وحرم اليمن الكثير من الموارد التي كانت لو وظفت بالشكل السليم لحققت طفرة في كافة المجالات الاقتصادية، وأؤكد أن ثورة التغيير في اليمن ستعمل في القريب العاجل على وضع أسس ومعايير تطمئن المستثمر وتعمل على تهيئة المناخ المناسب لجدب الاستثمار والمستثمرين.

- هل ترى فيما قطعته حكومة الوفاق الوطني على المستوى الاقتصادي ما يعطي مؤشرات ايجابية؟
- اليمنيون قادرون على تجاوز هذه المرحلة من خلال نسيان الماضي والاهتمام بالمستقبل، فلا نريد أن نجعل الماضي يسهم في عرقلة النماء الاقتصادي، وفخامة الأخ الرئيس عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية يبذل جهودا جبارة للخروج باليمن من المرحلة الانتقالية الحالية التي تعد مرحلة هامة في تاريخ اليمن والوصول به إلى واقع الاستقرار والتطور المتسارع، وعلى الأحزاب والقوى السياسية أن تدرك أهمية المرحلة، وضرورة تكاتف الجهود للمرور باليمن إلى مرحلة الاستقرار السياسي والاقتصادي".

- هذه إجابة دبلوماسية، كان سؤالي حول قدرة الحكومة للتعامل مع الواقع الاقتصادي الحالي؟
- حكومة الوفاق استطاعت أن تنزع فتيل التدهور الاقتصادي واتخذت إجراءات ساعدت على ذلك، وحاولت أن تداوي الجروح التي أصابت الاقتصاد الوطني على مدى سنة ونصف، والحكومة لن تستطيع في شهور قليلة أن تصلح فساد سنوات طويلة، ولكنها حكومة مبشره، سواء في التوجه نحو المانحين أو حتى التوجه نحو المغتربين، الذين هم قادرين على دعم الاقتصاد الوطني ونقله نقلة نوعية، وعليها السعي لتحقيق دولة المؤسسات، فاليمن منذ ان قامت ثورة سبتمبر لم تعرف دولة المؤسسات، وعلينا ان نوظف إمكانات اليمن ومواردها في تحقيق الرخاء للمواطن اليمني.

سبأنت

 



جميع الحقوق محفوظة للمركز الوطني للمعلومات - اليمن