الدوحة- سبأنت: ياسين التميمي
قال الأخ عبد العزيز عبد الغني رئيس مجلس الشورى إن برنامج الإصلاح الاقتصادي والمالي والإداري الذي يجري في بلادنا حقق نتائج مشجعة.. معتبراً أن هذا البرنامج قد حظي ببيئة سياسية مواتية تجلت فيما حققته بلادنا منذ الوحدة المباركة من إصلاح سياسي بإرادة وطنية خالصة شكل بتوقيته وأهدافه إحدى أهم المبادرات الإصلاحية في منطقتنا.
جاء ذلك في الكلمة التي ألقاها رئيس مجلس الشورى في الجلسة الافتتاحية لمنتدى الدوحة السادس للديمقراطية والتنمية والتجارة الحرة والذي بدأ أعماله مساء اليوم الثلاثاء بالعاصمة القطرية الدوحة بحضور سمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير دولة قطر .
واستهل رئيس مجلس الشورى كلمته بنقل تحيات فخامة الأخ الرئيس علي عبد الله صالح رئيس الجمهورية وتمنياته الطيبة للمنتدى وللمشاركين فيه بالتوفيق والنجاح.
وقال إن بلدنا بقدر ما يبدي اهتمامه البالغ بالقضايا الثلاث التي ينشغل بها هذا المنتدى، فإنه حريص أيضاً على إيضاح رؤيته تجاه تلك القضايا، من منطلق التزامه المبدئي بالديمقراطية والتنمية وبحرية التجارة الخارجية باعتبارها المرتكز الأساسي للنظام التجاري العالمي المتعدد الأطراف، وباعتبارها إحدى الوسائل الفعالة في تحقيق النمو الاقتصادي والاندماج في هذا النظام. .مضيفاًَ إن من بين أهم الأهداف التي حرصت على تحقيها بلادنا من خلال برنامج الإصلاح الاقتصادي والمالي والإداري اعتماد آلية السوق وتوسيع دور القطاع الخاص في مجال البنية التحتية، وتشجيع وتقديم كل التسهيلات للاستثمارات الخاصة، ورفع الكفاءة الإنتاجية وتعزيز الإمكانيات الإدارية لتنفيذ الإجراءات والسياسات المرتبطة بالإصلاح.
لافتاً إلى الإنجازات السياسية الهامة التي شهدها اليمن خلال الـ 15 عاما ًالماضية والتي تجلت في نظام سياسي تعددي تزدهر فيه قيم الحرية والرأي والرأي الآخر، وتعمل في ظله صحافة حرة نشطة ومتعددة الاتجاهات، ويتعاظم فيه دور المجتمع المدني كشريك أساسي في تحقيق التنمية المستدامة، ودور المرأة في الحياة العامة من خلال حضورها المؤثر في كافة مواقع صنع القرار.
ونوه رئيس مجلس الشورى في كلمته بما حققته دولة قطر، مستضيفة المنتدى وقال لقد شكلت العشر الأعوام الأخيرة من عمر هذا البلد العربي الشقيق عقداً ذهبياً من العمل المثابر الذي تجلت ملامحه في تطورات سياسية بالغة الأهمية وتطورات اقتصادية هائلة.
مؤكداً على عمق ومتانة العلاقات اليمنية القطرية ووجود قواسم مشتركة تجمع بينهما والتي قال إنها لا تقتصر فقط على المستوى الممتاز من العلاقات الأخوية المتينة، ولكنها أيضاً تتحد في مسيرة طموحة من التغيير الشامل على كافة المستويات.
وعبر رئيس مجلس الشورى عن إيمان بلادنا بأهمية وجود مبادرة عالمية تحقق التوازن المطلوب في العلاقة بين أطراف النظام الدولي، وتدفع بالتوجه نحو ترسيخ الديمقراطية في العالم قدماً، مقترناً برغبة في تعميق الفوائد الاقتصادية لهذا التوجه.
وقال رئيس مجلس الشورى إن جهود التنمية في منطقتنا واجهت خلال نصف القرن ونيف الماضي تحديات خطيرة، تحت أجواء الصراع العربي الإسرائيلي وما لازمه من تعثر للحل العادل والدائم لقضية العرب المركزية فلسطين بسبب عدم استجابة الكيان الصهيوني للمطالب المشروعة والعادلة للشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة على أرضه وعاصمتها القدس الشريف، فضلاً عن استمرار هذا الكيان في احتلال الأراضي العربية في الجولان ومزارع شبعا.
وطالب في هذا الصدد بأهمية وجود إجماع وإصرار دوليين، على تطبيق مقررات الشرعية الدولية الضامنة لإنهاء هذا الصراع، فإن المشكلة باعتبارها من أخطر مهددات التنمية في منطقتنا ستستمر، فلا تنمية بدون سلام.
ودعا دول المنطقة إلى إقامة شراكة سياسية واقتصادية وتجارية، وأن تكون تلك الشراكة أداة تمكنها من إدراك قطار الثورة الصناعية الثانية، ثورة المعلومات وتقنية الاتصالات، بعد أن حرمت من الاستفادة من منافع ومزايا الثورة الصناعية الأولى.
وقال: إن ذلك سيسهم على المدى المتوسط والبعيد، في خلق اقتصاديات متكافئة ومتسمة بالتكامل وفي تعظيم المنافع المتبادلة، وفي تقوية دور المنطقة كاقتصاد متكامل وقادر على الاندماج في نظام التجارة الحرة متعدد الأطراف.
مؤكداًَ على أهمية أن يجري النظر إلى التنمية المستدامة وإلى النمو الاقتصادي في المنطقة، بمثابة التزام ينبغي أن تلمسه دولنا القادرة منها والفقيرة، وأن يجري تنفيذ ذلك الالتزام من خلال العمل على تأهيل الاقتصاديات الفقيرة، وتعظيم فرص الاستثمارات المتبادلة وإدراك أهمية الانتقال الحر والمنضبط لرؤوس الأموال والعمالة.
منوهاً بالمبادرة التي تبنتها دول مجلس التعاون الخليجي خلال انعقاد المجلس الأعلى في دورته السادسة والعشرين في ابوظبي عام 2005م، والتي تهدف إلى المساهمة في تحقيق تأهيل اقتصاد اليمن وتوثيق عرى التعاون والتنسيق بين اليمن ودول مجلس التعاون وبما يحقق الرخاء والرفاهية ويعزز من الترابط بين شعوب هذه الدول.
وقال إن هذا التوجه يشكل أساساً مهماً لتأسيس اقتصاد قوي ومتكامل سينعكس بفائدته على اليمن ودول مجلس التعاون معاً.. وأكد رئيس مجلس الشورى الحاجة إلى أن تقوم الدول المتقدمة بتشجيع اندماج الدول النامية بما فيها دول منطقتنا، في نظام التجارة العالمي، لما لذلك من آثار إيجابيةٍ كبيرةٍ لا تخفى على أحد.
واصفاً المستوى الحالي من العلاقات بين أطراف نظام التجارة الحرة العالمي بأنه يؤشر إلى وجود اختلال واضح في ميزان المبادلات التجارية لفائدة طرف دون آخر، على الرغم من القواعد التي ترعاها منظمة التجارة العالمية، والتي تضمن قدراً من الحماية لاقتصاديات الدول الفقيرة بغية تحقيق التكافؤ المفترض بين أطراف نظام التجارة الدولية.
وقال إن هذا الاختلال لا يخدم اقتصاديات الدول الفقيرة التي لا زالت تعاني من مشكلة محدودية السلع القابلة للتصدير وهي في معظمها مواد خام، أو منتجات زراعية أو منتجات سلعية أخرى تفتقد إلى الكفاءة الإنتاجية القادرة على المنافسة، بسبب محدودية الإمكانيات التكنولوجية، في وقت تتمتع فيه السلع المصنعة في البلدان المتقدمة باستقرار سعري يميل إلى الارتفاع بصورة مستمرة الأمر الذي يلحق ضرراً بالغاً في اقتصاديات الدول الفقيرة، ويؤثر بشكل مباشر في ميزان مدفوعاتها.
وأشار رئيس مجلس الشورى إلى مشكلة ديون الدول الفقيرة والتي قال :إنها جاءت نتيجة حاجة تلك الدول إلى تغطية احتياجاتها من السلع والمنتجات المصنعة في الدول المتقدمة ، خاصة تلك التي تمول بقروض تجارية وبنسب فوائد مجحفة.
وقال : إن أعباء هذه الديون أثرت وتؤثر بشكل بالغ في سياسات تلك الدول الموجهة نحو الإصلاح الاقتصادي، وقضت وتقضي بشكل شبه كامل على فرصها في الاستفادة من إجراءات تحرير التجارة فيها، وتضعها في مواجهة عجز غير مسيطر عليه في موزاين مدفوعاتها.
داعياً إلى مبادرات شجاعة من قبل الدول المتقدمة تتمثل في إعفاءات جزئية مرحلية، أو إعفاءات كلية للدول الفقيرة من هذه الديون و زيادة نسبة المساعدات الحكومية والقروض منخفضة الفوائد ، والقيام باستثمارات حقيقية في البلدان الفقيرة تتميز بالقدرة على الثبات في ظل الظروف الصعبة، وتتقاسم أعباء المخاطر في هذه الدول.. مؤكداًَ على أهمية أن تهدف تلك المساعدات إلى الارتقاء بالكفاءة الإنتاجية للوحدات الصناعية وللأفراد في البلدان الفقيرة بما يمكن سلعها من النفاد.
إلى الأسواق العالمية بشروط ومزايا تنافسية.
ويبحث المنتدى على مدى يومين عدداًَ من المحاور المتصلة بدور المؤسسات الإقليمية وتحديات المستقبل وتقارير التنمية البشرية والتجارة الحرة وتنظيم رابطة رجال الأعمال والعلاقة بين السلطة والمعارضة والشراكة بين القطاعين العام والخاص.
ويناقش المشاركون في المنتدى الذين يزيد عددهم عن خمسمائة وستين مشاركاً من 74 دولة وضع منظمات المجتمع المدني وتعزيز الديمقراطية ومحاربة الإرهاب واستعراض نماذج من التعاون والتكامل الاقتصادي، والإعلام والصحافة في عصر العولمة وموضوع حوار الحضارات بدلاً عن صراع الحضارات.
كما يبحث المشاركون في المنتدى من خلال موائد مستديرة وورش عمل مواضيع تشمل التنمية ومقتضيات الإصلاح وعصر الهجرات الكبرى وسيناقشون أيضاً مفهوم حقوق الإنسان في ضوء التحولات العالمية والإصلاح في العالم العربي ودور الشباب في عملية الإصلاح السياسي .