حذرت الجمهورية اليمنية من أن توسع مساحة الفقر والمرض وعدم توفر التعليم والخدمات الصحية لملايين البشر في أفريقيا وآسيا يمثل قنبلة موقوتة للسلم والأمن الدوليين .
وقالت في كلمتها التي ألقاها الأخ / عبدالله محمد الصايدي المندوب الدائم لليمن لدى الأمم المتحدة الليلة الماضية في الدورة الستين للجمعية العامة للأمم المتحدة :" إن الأمن والاستقرار وإنهاء التطرف والقضاء على الإرهاب أمور لن تتحقق إلا إذا أعادت الدول الأغنى النظر في سياساتها الاقتصادية والسياسية وفي
مدى ما تقدمه من دعم لإحلال السلام وتحقيق التنمية التي تعيد لملايين البشر كرامتهم وإنسانيتهم وحقهم في العيش الكريم ".
وأستعرض الصايدي ما تبذله حكومة الجمهورية اليمنية من جهود انطلاقا من مبادئ ميثاق الأمم المتحدة الذي تضعه في صدارة قواعد تعاملها مع الأحداث المحلية والإقليمية والدولية ، موضحا في هذا الصدد إنها عملت على خلق مناخات الأمن والاستقرار في المنطقة من خلال ترسيم حدودها البرية والبحرية بالطرق السلمية والتمسك بمبدأ الحوار والدبلوماسية المتوازنة في حل خلافاتها مع الآخرين والعمل على تفعيل شراكة مع جيرانها سواء مع دول مجلس التعاون الخليجي أو تجمع صنعاء للتنمية بالإضافة إلى إسهامها الفاعل على الصعيد القومي والعربي من خلال جامعة الدول العربية .
وأضاف أن اليمن كانت رائدة في مسيرة الإصلاحات السياسية والتعددية الحزبية وتمكين المرأة من المشاركة الفاعلة في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، مشيرا في هذا السياق إلى أن اليمن تعد لانتخابات رئاسية مباشرة متوازية مع انتخابات لمجالس الإدارة المحلية تعزيزاً لمسيرة الممارسة الديمقراطية ، الأمر الذي رسخ التجربة الديمقراطية والمشاركة الشعبية في الحكم وتحقيق المزيد من اللامركزية بحلول سبتمبر القادم . وتابع قائلا :" واليمن إذ تقدر دعم هيئة التنمية الدولية للعون الذي تقدمه في هذا المجال وكذلك الدول الراعية لمسيرة الديمقراطية لتأمل في مزيد من الدعم الفني والمادي للجنة العليا للانتخابات لتسهيل مهمتها وتوفير الإمكانات اللازمة لها .
وجدد الصايدي موقف الجمهورية اليمنية المندد والمستنكر للأعمال الإرهابية التي تحدث في أي مكان العالم .. وكذا تأكيدها على المسئولية المشتركة في مكافحة الإرهاب والتزم اليمن بالعمل والتعاون مع كافة الدول والمنظمات الدولية لمواجهة أخطاره وتطوير وسائل تبادل المعلومات ورصد مصادر التمويل للمنظمات الإرهابية ومتابعة عناصرها .. مؤكدا قناعة الجمهورية اليمنية بأهمية عقد مؤتمر دولي للإرهاب للاتفاق على تعريف واضح ومحدد له يقوم على أساس التفريق بين الإرهاب وحق الشعوب في تقرير مصيرها ومقاومة الاحتلال الأجنبي لأراضيها مع إدانة كافة أنواع الإرهاب التي تستهدف المواطنين الأبرياء العزل .. مجددا في هذا السياق موقف اليمن الداعم لمقترح خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز ملك المملكة العربية السعودية الرامي إلى إنشاء مركز دولي لمكافحة الإرهاب.
وتطرق الصايدي إلى موقف الجمهورية اليمنية إزاء الأحداث على الساحتين الإقليمية والدولية حيث أعتبر انسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلية من قطاع غزة خطوة أولى على طريق طويل .. مؤكدا على أهمية أن ينظر إلى ذلك كجزء من تنفيذ خارطة الطريق التي ينبغي اعتبارها خطة شاملة يكمل بعضها بعضاً ولا تقبل أن يختار أو ينتقي أحد الأطراف ما يناسبه منها ويدع ما يعتبره غير مناسب .. منوها في هذا الإطار إلى إنه ينبغي على المجتمع الدولي ألا ينخدع بادعاء إسرائيل بالتضحية الجسيمة لانسحابها من أرض احتلتها بالقوة والتعاطف مع إجلاء المستوطنين الإسرائيليين عن مستعمرات بنيت على أراضي لا يملكونها .
ودعا إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية وإزالة كافة المستعمرات عن الأراضي الفلسطينية وإزالة الجدار العازل وفقاً لقرار محكمة العدل الدولية . . مؤكدا إن عملية السلام كل لا يتجزأ وأن السلام الحقيقي لا يمكن أن يتحقق إلا بعودة الحقوق العربية كاملة غير منقوصة إلى أصحابها وفي مقدمتها انسحاب إسرائيل من جميع الأراضي المحتلة في فلسطين والجولان وجنوب لبنان والعودة إلى حدود الرابع من يونيو 1967م وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على ترابها الوطني وعاصمتها القدس الشريف وحل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين حلاً عادلاً طبقاً لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم ( 194) لعام 1948.
وطالبت الجمهورية اليمنية المنظمة الدولية واللجنة الرباعية بعدم الاعتراف أو التعامل مع أية ضمانات أو وعود إسرائيلية تهدف إلى الانتقاص من الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وسيادته الذي يسعى إلى فرض شروطه من خلال سياسة الأمر الواقع .
وبشأن الأوضاع في العراق اعتبرت اليمن في كلمتها بالدورة 60 للجمعية العامة للأمم المتحدة أن تلك الأوضاع تستدعي الوقوف أمامها بعناية واهتمام للنظر فيما يمكن عمله بشأن مساعدة الشعب العراقي على تحقيق ما يتطلع إليه ، معتبرة أن احترام وحدة وسيادة العراق واستقلاله وعدم التدخل في شئونه الداخلية واحترام إرادة العراقيين وخياراتهم في تقرير مستقبلهم بأنفسهم أمور تأتي في طليعة المهام التي يجب على المنظمة الدولية وأعضاء المجتمع الدولي القيام به لمساعدة العراقيين وتقديم العون لهم من أجل تحقيقها خاصة ما يتعلق بضرورة مشاركة جميع أطياف الشعب العراقي في العملية السياسية الجارية على قاعدة المصالحة والتوافق الوطني دون المساس بهوية العراق العربية وتراثه وحضارته وقال الصايدي :" إننا في اليمن قيادة وحكومة وشعباً نرحب بالدور الإيجابي الهام الذي تقوم به الأمم المتحدة في مساندة العملية السياسية البناءة ونؤكد على أهمية اضطلاع المنظمة الدولية بدور مركزي في استكمال هذه العملية حتى النهاية وفي إعادة إعمار العراق" . . مشددا في ذات الإطار على ضرورة الإسراع في تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم ( 1546) لعام 2004م القاضي بتمكين العراق من استعادة كامل سيادته وإنهاء الوجود العسكري الأجنبي فيه .
وتناول السفير الصايدي المستجدات الإيجابية في الساحة السودانية حيث أكد إن الجمهورية اليمنية تتابع بارتياح بالغ تلك المستجدات الإيجابية باعتبارها بداية مرحلة جديدة من الاستقرار والسلام والوفاق الوطني في ربوع السودان كافة ونهاية لأطول صراع في أفريقيا .
وقال :" نحن نقدر ونشيد بالدور الذي قامت به دول الجوار العربية والأفريقية وما قام به السيد كوفي عنان الأمين العام للأمم المتحدة لتحقيق ما توصل إليه السودانيون من وئام وسلام يضمن لهذا الشعب استقرارها وأمنه ووحدة ترابه.. داعيا المنظمة الدولية إلى بذل المزيد من الجهود لحث الدول والصناديق والمؤسسات المالية الدولية على دعم مسيرة السلام والتنمية وإعادة الأعمار في أنحاء السودان كافة خاصة تلك المناطق المتضررة جراء الحرب .
وبشأن الأوضاع في الصومال قال المندوب الدائم لليمن لدى الأمم المتحدة :" على الرغم من السعادة التي كنا قد شعرنا بها في اليمن لما سبق التوصل إليه على صعيد الأوضاع في الصومال فإننا نخشى ونحذر من أن يتعرض هذا البلد لانتكاسة حقيقية .
وأضاف قائلا "ليس هناك من خيار لتفادي ذلك سوى دعوة الأمم المتحدة وأعضاء المجتمع الدولي إلى تقديم الدعم الفوري واللازم للحكومة الصومالية الانتقالية وتمكينها من أداء مهامها خاصة في مجال فرض سيادة النظام والقانون وإعادة الأعمار " معتبرا أن تأمين مشاركة قوات الأمم المتحدة لدعم مسيرة السلام في الصومال بات ضرورية أكثر من ذي قبل .
ونبهت الجمهورية اليمنية في كلمتها إلى أن أي تردد في دعم الصومال سيجعل منه بؤرة ترتع فيها قوى الإرهاب والتطرف والعنف الأمر الذي سيكون له انعكاسات خطيرة جداً عربياً وأفريقياً وعلى صيعد منطقة الشرق الأوسط والعالم بأسره.
وتطرق الصايدي إلى موقف اليمن من تطوير القدرات الوطنية في مجال الاستخدامات السلمية للطاقة الذرية .. حيث قال " إن اليمن تؤكد على الحق الثابت لجميع الدول الأعضاء في الوكالة الدولية للطاقة الذرية في تطوير قدراتها النووية للأغراض السلمية ، وهو الموقف الذي اتخذته الدول الإسلامية في اجتماعات وزراء خارجية منظمة المؤتمر الإسلامي الذي عقد في صنعاء في يونيو الماضي
وأضاف " وفي الوقت ذاته تؤكد اليمن على أهمية جعل منطقة الشرق الأوسط منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل والأسلحة النووية على وجه الخصوص ، وضرورة أن يسري ذلك على جميع دولها بما في ذلك إسرائيل" .