كشفت دراسات أثرية نفذتها بعثات يمنية وأوربية مشتركة في مناطق محافظة المحويت , وجود شواهد حضارية كثيرة لمواقع تاريخية هامة في معظم مديريات المحافظة .
وتدلل هذه الكشوفات على أن هده المناطق شهدت في تاريخها القديم قيام حضارة انسانية قديمة على مستوى كبير من الرقي الحضاري والتطور الديني والسياسي بما يدل دلالة واضحة على ان هده المحافظة كانت منذ وقت مبكر جزء لا يتجزأ من الحضارات اليمنية العظيمة التي شهدتها اليمن عبر تاريخها الموغل في القدم.
800 موقع معلم اثري
وأفضت المسوحات الميدانية للاثار والمواقع الاثرية والدراسات الاثرية المختلفة التي نفذتها البعثات الاثرية اليمنية والاوربية المشتركة مثل البعثة اليمنية الفرنسية المشتركة والبعثات والفرق الاثرية التابعة للهئية العامة للاثار والتي قامت بالعديد من المسوحات والدراسات الاثرية الميدانية في معظم مناطق مديريات محافظة المحويت خلال الفترة من 1995م ــ 2003م الى الكشف عن ما يزيد عن 800 موقع ومعلم اثري تحتوي على اثار وشواهد اثرية كثيرة وهامة قدمت ادلة وبراهين تاريخية على قيام عدة حضارات انسانية هامة في مناطق هذه المحافظة في مختلف المراحل الزمنية الماضية يصل تاريخ اقدمها الى ما قبل القرن السابع قبل الميلاد ، وان تلك الشواهد التي ما تزال باقية حتى الان قد كانت على مستوى كبير من الرقي والتطور الحضاري والثقافي والديني والسياسي.
شواهد دينية
وقال مدير عام مكتب الهيئة العامة للاثار والمتاحف والمخطوطات بمحافظة المحويت محمد أحمد قاسم لـ(سبأ نت) أن الاكتشافات التي وجدت في مديرية شبام كوكبان على سفح جبل (اللو) جبل /ذخار/ كوكبان حالياً لوحدها قد دلت دلالة عميقة جداً ان هذه المناطق ومنذ بدأت الهجرات السبئية- الفيشانية لبقاع الهضبة الوسطى من اليمن في القرن السابع قبل الميلاد قد كانت من المراكز الهامة التي قامت فيها العديد من المدن والمراكز، حيث اقيم على سفح هذا الجبل واحداً من اهم المجمعات التعبدية الدينية , وعثُر على كثير من النقوش التي اشارت الى ان هذا المجمع التعبدي كان يضم معبدين كبيرين الاول للآلة (عثنر) والثاني (المقة) واللذان اليهما كانت القبائل السبئية والسبئية (الفيشانية) يمارسون فيها طقوسهم الدينية فيها ما دل على الاهمية الدينية الكبيرة التي كانت تحتلها هذه المناطق , خصوصاً وانه وجد ان معبد الآلة (المقة) الذي كان موجوداً في هذا المجتمع التعبدي قد كان يحمل نفس اسم معبد (المقة ) المعبد الرئيسي لدولة سبأ والباقي آثاره الان في مأرب والمعروف بأسم معبد (الشمس) .
المقابر الصخرية
وقال مدير عام مكتب الهيئة العامة للآثار بمحافظة المحويت:" ان المسوحات الاستكشافية الاثرية المختلفة التي نفدت في جميع مديريات المحافظة قد وثقت دلائل هامة ولقى آثارية نادرة , ما تزال تشكل محل اهتمام الدراسين والباحثين والمتعطشين لفك اسرار تفاصيل حضارات الشرق والحضارة اليمنية على وجه الخصوص من كل دول العالم خصوصاً بعد توالي عمليات الاكتشافات المثيرة للمقابر الصخرية المليئة بالموميات المحنطة والتي وجدت في جميع مديريات هذه المحافظة وبلغ عدد ما تم اكتشافه وتوثيقه منها بما يزيد عن 200 مقبرة صخرية وجد بداخلها موميات محنطة محفوضة في هذه المقابر بطريقة جنائزية مثيرية تدل على اصحاب هذه المقابر واستخدامهم لاساليب علمية مميزة سواء من حيث طرق التحنيط في تلك الفترات الزمنية المبكرة او من حيث تكفين الجثث بالجلد المدبوغ".
واضاف قاسم : انه تم اخذ عينات من الموميات الموجودة في المقابر الصخرية المكتشفة في حصن شمسان بالطويلة ثم مقبرة صبح بالاهجر ومقابر بيت منعين وبيت العصيمي وبيت النصيري بالطولية الى جانب المقابر المنتشرة على منحدرات جبال كوكبان ومقابر (الذوحمي) في المحويت ووادي مخدرة وجبل التربة وسارع جنوب المحويت وغيرها من المقابر التي وجدت في مناطق مديريات بني سعد وحفاش وملحان وتم تحليل تلك العينات من خلال معامل متخصصة في هولندا وامريكا وبريطانيا وغيرها وتبين ان هذه الموميات يصل عمر بعضها الى اكثر من 2300 سنة واخرى الى اكثر من 2500 سنة على الاقل ".
واكد مديرعام الاثار بالمحويت ان دلك يقدم دلالة واضحة على ان اليمنيين قد عرفوا اسرار التحنيط منذ اوقات مبكرة جداً من فترات ما قبل التاريخ وفي فترات زمنية موازية لفترات معرفة المصريين القدماء لاساليب التحنيط , مع دلالات اخرى على ان اصحاب هذه المقابر قد كانو على مستوى كبير من المكانة الاجتماعية والسياسية في تلك الازمنة على اعتبار انه لم يكن يحضى بالتحنيط من الموتى الا الملوك والساسة والقادة العظماء , وان مستوى النضوج العلمي والثقافي في بلادنا في تلك العصور قد كان على قدر عالي من الرقي والتطور حيث كانت اساليب المعرفة بطرق التحنيط معروفة ومشروعة لدى غالبية العوام ولم تكن محصورة على طبقات الملوك فقط .
القلاع والحصون التاريخية أاشار محمد احمد قاسم الى ان شواهد اكتشافات الحصون والقلاع الحربية القديمة المنتشرة في عموم مناطق مديريات المحافظة والتي شيدت في اعالي قمم الجبال والهضاب والقنن العالية قد دلت بدورها على الاهمية العسكرية والسياسية الكبيرة التي كانت تحتلها هذه المناطق منذ القرون الغابرة لمراحل ما قبل الميلاد .
وأوضح ان من مظاهر هذه الحصون والقلاع وهيئاتها المعمارية وتحصناتها العسكرية الشديدة وما بها من متاريس وخنادق وابراج عالية وبوابات محكمة يؤكد على اهميتها وأنها قد كانت بالفعل حصون وقلاع حربية هامة شيدت في العصور السبئية والحميرية القديمة كمعاقل حربية ومراكز دفاعية لصد الغزوات والطامعين.
وقال " وما حصون وقلاع كوكبان والطويلة والاهجر والقفل والشائم وشاهر والزاهر ويفوز شمسان وذهبان وبراش والخفيع واسعد والقلوت وذو حمي وعكابر والقيعان والرديق وريشان واذرع والقرانع وغيرها الا نماذج لتلك الحصون والقلاع التاريخية القديمة التي شيدت في سفوح وقمم ومرتفعات جبال هذه المحافظة.