أعلنت الحكومة اليمنية تبنيها لمسارات وتوجهات جادة لدعم وتشجيع مؤسسات القطاع الخاص الوطني لتوسيع نطاق أنشطتها الاستثمارية لتشمل مختلف المجالات الاقتصادية والخدمية تمهيدا لتأهيلها للاضطلاع بمهام تقديم الخدمات الاستهلاكية والتنموية التي تنفرد الدولة بمسئولية ادارتها والإشراف عليها وتقديمها لجمهور المستهلكين.
وأكد نائب رئيس الوزراء للشئون الاقتصادية وزير التخطيط والتعاون الدولي عبد الكريم إسماعيل الأرحبي أن ثمة قناعة حكومية راسخة بأهمية الدفع بمؤسسات القطاع الخاص الوطني لقيادة عملية التنمية الشاملة في البلاد من خلال تأصيل علاقة حقيقة من الشراكة الجادة الفاعلة .
وأشار نائب رئيس الوزراء للشئون الاقتصادية في تصريح لوكالة الأنباء اليمنية ( سبأ ) إلى أن مبادرة الحكومة بإنشاء آليات عملية من قبيل مجلس الغذاء والمجلس الاقتصادي والاجتماعي يمثل خطوة في الطريق الصحيح الهادف إلى خلق شراكة حقيقة وفاعلة بين الحكومة والقطاع الخاص وبخاصة وان استحقاقات المرحلة القادمة تتطلب اضطلاع مؤسسات القطاع الخاص الوطني بدور محوري في قيادة عملية التنمية الشاملة من خلال توسيع دائرة أنشطتها لتشمل مختلف المجالات التنموية والخدمية بما في ذلك الخدمات التي تعد حكرا على مؤسسات الدولة .
ولفت الأرحبي إلى مؤشرات ايجابية عدة تؤكد استيعاب مؤسسات القطاع الخاص لطبيعة الدور الوطني الذي ستضطلع به في المستقبل المنظور والمتعلق بقيامها بدور رائد في قيادة عملية التنمية الشاملة في اليمن .. مؤكدا أن المجالات مفتوحة امام القطاع الخاص لتوسيع نطاق استثماراته وبخاصة في مجالات التعليم بمختلف أنواعه ومراحلة لاسيما التعليم الفني والمهني والكهرباء والطاقة والمياه وغيرها من المجالات التي كانت وماتزال محصورة بشكل كبير في نطاق الإدارة والتشغيل الحكومي.
من جهته أشار الدكتور مطهر العباسي وكيل وزارة التخطيط والتعاون الدولي إلى أن الحكومة وفي اطار حرصها على دعم وتشجيع القطاع الخاص بادرت بحث الجهات المانحة لاسيما البنك الدولي وصندوق النقد الدولي بتقديم دعم لمؤسسات القطاع الخاص الفاعلة لإنشاء مشاريع استثمارية في اليمن مؤكدا أن مثل هذا الدعم لايمنح عادة ألا بموجب تزكية من الحكومة وهو ما يؤكد جدية التوجهات الحكومية في تفعيل ودعم مؤسسات القطاع الخاص الوطني .
الدكتور محمد الحاوري وكيل وزارة التخطيط والتعاون الدولي لقطاع الدراسات والتوقعات الاقتصادية أكد من جهته إلى التوجهات الحكومية القائمة والمستقبلية تهدف إلى خلق شراكة حقيقة بين الدولة ومؤسسات القطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني مع ضمان استمرار الدعم والمساندة الدولية بحيث تنصرف الدولة إلى تأمين البيئة الاقتصادية المستقرة وتوفير الخدمات الاجتماعية ووضع الإطار التشريعي والقانوني اللازم فيما يتولى القطاع الخاص قيادة عملية التنمية إلى جانب قيام منظمات المجتمع المدني بحشد الجهود الشعبية وتنظيمها لمؤازرة الجهود الاجتماعية والتنموية للدولة، فضلا عن الشراكة مع المنظمات الدولية والدول المانحة بخبراتها وفوائضها المالية لدعم جهود العملية التنموية .
واعتبر الدكتور الحاوري أن اتجاه الدولة نحو تنويع مصادر دخل الاقتصاد الوطني والتقليل التدريجي من الاعتماد على النفط يحتاج إلى وجود شراكة فعالة وايجابية بين الحكومات والقطاع الخاص في حفز النمو الاقتصادي وتسريع معدلات نموه، وفي تحقيق أهداف التنمية الاقتصادية والاجتماعية وفي التخفيف من الفقر.
إلى ذلك أوضح أحدث التقارير الحكومية الصادرة عن وزارة التخطيط والتعاون الدولي أن مؤسسات القطاع الوطني ماتزال تهمين على النشاط الإنتاجي والخدمي في القطاع الزراعي بمختلف فروعه والذي يشغل ما يزيد عن نصف القوى العاملة في الاقتصاد اليمني.
وبحسب التقرير الذي حصلت وكالة الأنباء اليمنية ( سبأ ) على نسخة منه فأن القطاع الخاص يمتلك أكثر من 97 بالمائة من المنشآت الصناعية كما يهيمن وبصورة كبيرة على قطاع التجارة والفنادق والمطاعم فيما يمتلك القطاع الخاص المحلي والأجنبي الجزء الأكبر من رأس مال البنوك التجارية العاملة في اليمن، وبنسبة تزيد عن 81 بالمائة من إجمالي رأسمال هذه البنوك.
التقرير الحكومي كشف عن تزايد استثمارات القطاع الخاص في البنية الأساسية والخدمات العامة خلال السنوات الماضية وبخاصة في مجالات الاتصالات المحمولة، الخدمات الصحية، الخدمات التعليمية والتي كانت تقوم بها مؤسسات الدولة بشكل منفرد .
وأشار التقرير إلى ثمة توجهات حكومية لتوسيع مشاركة القطاع الخاص في تقديم الخدمات العامة وخدمات البنية التحتية من خلال انتهاج العديد من الأساليب والطرق المستندة على المفهوم الواسع للشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص كمنح القطاع الخاص حقوق الإدارة للمشاريع العامة من خلال ما يعرف "بعقود الإدارة" حيث تكون الحكومة وفق هذا الأسلوب مالكة لمشروع عام ، وتعطي إدارته للقطاع الخاص، ووفقا لهذا الأسلوب يتم تحويل مسؤولية الإدارة والتشغيل والتطوير للمتعاقد أو المستثمر لفترة زمنية مقابل مبلغ مالي يتفق عليه .. إلى جانب "عقود التأجير" التي تمثل اتفاقيات بين الدولة والقطاع الخاص يقوم بمقتضاها القطاع الخاص بتزويد المنشأة الحكومية بالخبرات الإدارية والفنية لمدة زمنية محددة مقابل تعويضات مالية متفق عليها ويقوم المستثمر باستئجار الأصول أو التسهيلات المملوكة للدولة واستخدامها إضافة إلى "عقود التمويل" والتي تعد درجة أكثر تقدماً للشراكة بين القطاع العام والخاص، حيث يتحمل المستثمر مسؤولية توفير النفقات الرأسمالية والتشغيلية والاستثمارية، ويعد هذا الأسلوب أفضل بصفة عامة مقارنة بعقود التأجير إلا أن تنفيذه أكثر تعقيداً نظراً لضخامة حجم التمويل وتشمل هذه العقود عدداً من الأشكال من أبرزها نظام الإنشاء والتشغيل والتحويل والذي يحظى بقبول واسع في مجال البنية التحتية الأساسية ، وهو نظام يتسم بالبساطة ، ويساعد استخدامه على جذب الاستثمارات الخارجية.
ويُستخدم على نطاق واسع في تخصيص مشاريع البنية الأساسية كمحطات المياه، ومحطات الكهرباء، ومعالجة المياه، والصرف الصحي، والطرق والجسور والأنفاق، والمطارات والموانئ.
ويشير التقرير إلى وجود وسائل أخري قيد الدراسة من قبل الحكومة اليمنية لتوسيع نطاق الشراكة مع مؤسسات القطاع الخاص من قبيل أسلوب " بي أو أو تي " والذي أصبح وسيلة لتمويل مشاريع البنية التحتية الضخمة كالطرق والجسور والطاقة والسدود وغيرها في الدول الصناعية والنامية، ويقوم القطاع الخاص بموجبها بضخ الأموال المطلوبة والضرورية لتشييد وبناء وتشغيل أي مشروع لفترة يتم الاتفاق عليها مع الحكومة وتتراوح عادة بين 15 و30 سنة، يتم بعدها تحويل الملكية إلى الحكومة المعنية.
والهدف الرئيسي من ذلك هو تخفيف العبء المالي على موازنة الحكومة مع السماح بتطوير تلك المشروعات من خلال ما يملكه القطاع الخاص من كفاءة عالية.
وتعتبر طريقة " بي أو أو تي " أحد الأساليب المتفرعة عن أسلوب أو طريقة (بي أو تي ), ولكن الاختلاف الرئيسي بينهما انه بموجب طريقة " بي أو أو تي " تكون الحكومة أقل عرضة لمخاطر التكلفة المالية وأية تكاليف أخرى خلال فترة الامتياز وبذلك لا يتم تحميل الحكومة أية أعباء مالية على خزينتها, كما تحصل الدولة على البنية التحتية دون أن تتكلف عناء البناء والتشييد وتفتح المجال واسعاً أمام القطاع الخاص للقيام بكامل المهمة.
ويعتبر هذا الأسلوب من أساليب الشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص من الوسائل التي يمكن من خلالها جذب الاستثمارات الأجنبية والحصول على التكنولوجيا المتقدمة من الخارج, إلى جانب انتهاج أسلوب الامتياز) وهو أن تعطي الحكومة امتيازا احتكاريا خاصاً لمنشأة أو لعدة منشآت خاصة لإنتاج وتوريد جزء من خدمة معينة حيث يمكن زيادة وتنشيط دور القطاع الخاص وبما يساهم في تحقيق الكفاءة والتنمية وحفز النمو في الاقتصاد .
ولفت التقرير إلى أنه يمكن تحقيق معدلات نمو اقتصادية عالية في إطار الشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص من خلال دراسة إمكانية استخدام أساليب الشراكة المتعددة والمتنوعة وتشجيع القطاع الخاص على الاستثمار في خدمات البنية الأساسية من خلال إدخال أساليب جديدة مثل الاستثمار بنظام البناء-التشغيل-ونقل الملكية . ونظام البناء والتمليك للقطاع الخاص والتشغيل تم نقل الملكية للدولة .
المصدر: سبا نت