لاستكمال هذا التحقيق:
البداية كانت مع المواطن عبدالرحمن العنسي الذي يسكن في أحد أحياء صنعاء,, يقول العنسي: منذ فترة والماء الذي يأتي إلينا من المشروع الحكومي التابع لمؤسسة المياه المحلية لا يصل إلى منزلي بالقدر الكافي, وعندما يكون الدور لتوزيع المياه في الحي الذي أسكن فيه يأتي الماء بكمية ضعيفة لذلك لا أستطيع أن أملأ الخزان الخاص بمنزلنا مما يضطرني إلى شراء وايت ماء لتعبئة بقية الخزانات, وأدفع في الشهر لشراء الماء من الوايتات ما يقدر ثمانية آلاف ريال.
ولكن الغريب في الأمر أن أحد جيراني الذي يمتلك خزاناً أرضياً يملؤه في كل مرة يأتي فيه مشروع المياه الحكومي إلى حارتنا, وعندما سألت ما السبب أن جاري يصل له الماء بكمية كبيرة وبكل سهولة, قيل لي إنه يشفط الماء من خارج العداد بواسطة دينمو خاص للشفط, مما أثر على وصول المياه بكمية كبيرة إلي وبقية الجيران، إنها مشكلة كبيرة بالنسبة لي حيث وأنا قادر على شراء المياه بواسطة الوايتات, فما بالكم ببقية جيراني الذين ليست لديهم القدرة على شراء وايت ماء, إنها حقاً مشكلة.
الحاجة مريم الريمي, والتي تسكن في أحد الأحياء بأطراف العاصمة كان لها شكوى تقول إنها مؤرقة, تقول الحاجه مريم: أصبحت مسألة استحمام أبنائي أشبه بالمشكلة لعدم وجود المياه في منزلي بالشكل الصحيح فلم يعد هناك انتظام في توزيع المياه كما كان الحال سابقا ً, وحتى إنني لم أعد قادرة على شراء الماء بواسطة الوايتات بسبب ارتفاع أسعارها, لذا أقوم بأخذ المياه من المسجد القريب من منزلي ونقلها عبر عبوات بلاستكية, وهكذا حالنا كل يوم منذ 2011م.
تباينات
تنقلنا في عدد من أحياء وحارات أمانة العاصمة ووجدنا تبايناً في وجهات النظر حيال وصول خدمة المياه فساكنو بعض الحارات ممن التقينا بهم أكدوا لنا أن المياه التي تصل لهم من المشروع الحكومي متوفرة بانتظام بينما المواطن عبدالرحمن العنسي والحاجة مريم وغيرهما من المواطنين الذين يسكنون في بعض المناطق التي تضررت جراء الاقتتال التي شهدته شوارع العاصمة بين عامين عامي2011و2014م, وغيرهم من سكان الأحياء العادية يشكون من قلة وفرة المياه والبعض يشكو من شحتها.
إشكاليات وأوضاع غير مستقرة
بدورنا قمنا بنقل معاناتهم وشكواهم إلى الجهة الرسمية المعنية بتوفير المياه وهي المؤسسة المحلية للمياه والصرف الصحي بالأمانة والتقينا بمديرها العام المهندس نبيل الوزير, والذي أوضح لنا أن المؤسسة المحلية للمياه والصرف الصحي بالأمانة خلال هذه الأيام تعتبر أوضاعها غير مستقرة حيث تعاني من الإشكاليات خلال هذه الفترة، وأن من أهم تلك المشاكل والاختلالات الانقطاعات المتكررة للكهرباء، والتي تعتبر العامل الرئيسي في المشكلة, فتوزيع المياه يتطلب تشغيل المضخات والآبار, وانخفاض الجهد الكهربائي لا يفي بالغرض في تشغيل المولدات والمضخات لذا يحصل ترحيل لبرنامج توزيع المياه وتأخير في عملية وصوله في عدد من الأحياء، كما أن انخفاض وارتفاع الجهد بسبب اختلال في توازن الطاقة يصيب كثيراً من الطبلونات والمضخات بالأعطال والتلف، وبالتالي زيادات إضافية في تكاليف أعمال الصيانة وضعف إنتاج المياه, أيضاً تعاني المؤسسة من خروج بعض الآبار عن الخدمة بعد عودة التيار، وبالتالي يكون هناك قلة في الإنتاج, وللأسف أيضاً هناك بيئة متوترة بين المؤسسة والمشترك الغير ملتزم بسداد الفاتورة بسبب التأخيرات المستمرة في وصول المياه والتي يسببها انقطاع التيار الكهربائي.
انقطاعات كهربائية
ويضيف الوزير: إذا مشكلة الانقطاعات المتكررة للتيار الكهربائي تعتبر أحد أهم المشكلات التي نعاني منها نحن في مؤسسة المياه بالأمانة، وبالتالي تؤثر على مسألة وصول المياه بانتظام لكافة أحياء وحارات العاصمة, أضف أنه في أحيان كثيرة هناك صعوبة كبيرة في الحصول على مادة الديزل الذي يعتبر العامل المساعد في تشغيل الآبار عبر المولدات, وهذا الشيء أدى لاستحداث تكلفة إضافية ضخمة خلال فترة انقطاع الكهرباء، كما أن هناك انتشاراً للمخالفات وأعمال الشفط والعبث بالشبكة وقلع العدادات من قبل البعض, وكذلك هناك مشكلات كالتعدي على عمال وموظفي وممتلكات المؤسسة المحلية للمياه، وخاصة في الآونة الأخيرة مما يدعو للاستغراب وانعكاس جانب نفسي سلبي لدى العمال والموظفين عموماً.
امتناع عن سداد الفواتير
وزاد : كل تلك السلبيات وغيرها زادت في الفترة بعد 2011م, وترتب عليها ضعف شديد وبطء في عملية سير المؤسسة خصوصاً في ظل ما نواجهه من مشكلة كبيرة وهي امتناع كثير من المشتركين عن سداد قيمة الفواتير وتدني مستوى التحصيل ما أدى لتضخم المديونية بشكل غير طبيعي وترتب على أثرها صعوبة كبيرة في سير الأداء والإنتاج والتشغيل لخدمات المؤسسة.. وللأسف الشديد وما لم يدركه المواطن أن المؤسسة، ذاتية النفقات والتشغيل مستقلة مالياً وإدارياً معتمدة على إيراداتها من الفواتير المسددة من قبل المواطن وذلك لأداء نفقاتها وتشغيل معداتها وأعمال الصيانة والإنتاج والمرتبات, كما أنه لا يعلم الجميع أنه لا يوجد لدى المؤسسة أي دعم حكومي أو خارجي لإدارة نفقاتها.
ويواصل مدير المؤسسة المحلية للمياه والصرف الصحي بالأمانة القول : وأحب هنا أن أنوه أن قيمة المياه في الفاتورة لا تعبر عن التكلفة الحقيقية للمياه, إذ إن إنتاج المياه يمر بمراحل طويلة جداً تبدأ من حفر الآبار وتركيب المضخات وإنشاء محطات الضخ وشبكات توزيع المياه وشبكات الصرف الصحي وما يلزم لكل ذلك من نفقات الصيانة الدورية والتشغيل, وإذا ما قارنا بين قيمة المياه المباعة من المؤسسة والمياه المباعة من القطاع الخاص فسنجد الفارق الكبير الكبير, ومع ذلك تواجه المؤسسة أعباء ومشاكل إضافية.
“من خلال صحيفتكم، نقول إننا نعول على المشترك الكريم التفاعل مع المؤسسة بصورة إيجابية والتعاون معنا لما فيه مصلحته أولاً ولاستمرارية الخدمة واعتباره شريكاً أساسياً في خدمة المؤسسة وليس غريماً وطرف نزاع, خاصة والمؤسسة تبذل أقصى ما بوسعها لإنجاح وتحسين مستوى الإنتاج رغم الصعوبات الكبيرة التي تواجهنا”، ذلك ما يختم به المدير العام للمؤسسة المحلية للمياه والصرف الصحي بالأمانة .
مضيفاً: كما أنه عليكم كإعلاميين وصحفيين الرقابة على أداء مؤسستنا كونها جهة خدمية ونحن نرحب بذلك وفي ذات الوقت نطالبكم بأن تكونوا شركاء معنا في توعية المجتمع بأهمية الحفاظ على خدمة المياه, وهذا ما نطالب به أيضاً الدعاة والعلماء وقادة الرأي العام نطالبهم أن يكون لهم دور في تبصير الناس بأمور معيشتهم وتوعيتهم بأهمية الحفاظ على المياه في عاصمة اليمن .
عدم الإسراف
وفي سياق الحديث عن أهمية الحفاظ على المياه، تحدث عدد من الدعاة والعلماء يقول الشيخ الحافظ يحيى أحمد الحليلي: يجب أن يحافظ الناس على المياه ويتعاونوا فيما بينهم وبين المؤسسة الحكومية التي تزودهم بالمياه, والإسلام حث على عدم الإسراف والتبذير في كثير من النعم ومنها نعمة المياه.
أما الشيخ محمد العيسوي- إمام وخطيب جامع الشهداء أحد أكبر مساجد العاصمة فيقول: المعلوم أن اليمن وبالتحديد صنعاء منذ أن خلقها الله وهي على مطر السماء, والماء تخزنه الجبال أحياناً, لذا في الوقت الحاضر هناك مزودان للمياه في العاصمة وهما المؤسسة المحلية الحكومية, وبعض المشاريع الأهلية,, والله عز وجل يقول: (قل أرأيتم إن أصبح ماؤكم غوراً فمن يأتيكم بماء معين), لذا نحن من خلالكم نناقش قضية قلة وجود المياه في بعض أحياء صنعاء, وهذا سببه العبث فالعبث وعدم الترشيد في الاستهلاك يعتبر حراماً شرعاً، قال النبي صلى الله عليه وسلم : (إن للماء شيطاناً اسمه ولهان ),وقال: ( الإسراف في الماء حرام ولو كنت على نهر جار),, والأصل عندنا كمسلمين أن الإسراف في كل شيء حرام, (ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين), فلا يجب الإسراف في كل شيء فكيف بالماء الذي هو أصل كل شيء, الماء الذي هو عنصر الحياه الأول, أضرب لكم مثلاً بسيطاً لأهمية المياه نحن مثلاً في مسجد الشهداء أعزكم الله عندنا26 حماماً يدخل المسجد يومياً أربعة آلاف شخص يستهلكون المياه الخاصة بالوضوء وغيره، أليس حرياً بنا أن نحافظ على هذه النعمة من الزوال والعبث.
المشكلة يتحملها طرفان
وفي ذات السياق يؤكد الشيخ الدكتور محمد مقبول الأهدل، أن موضوع المياه من أهم المواضيع لأنه شريان الحياة ولكن مشكلة المياه يتحملها طرفان وهما الجانب الحكومي الخدمي وهي مؤسسة المياه التي توفر المياه والمواطنون، مؤكداً على ضرورة توفير مؤسسة المياه للمياه وتوزيعها وترشيدها حيث يجب أن يكون هناك عدالة في التوزيع وأن يخصص لكل حي أيام مخصصة للتوزيع أو لساعات معينة حتى يصل الماء للجميع، وأن على مؤسسة المياه الحكومية القيام بالواجب المحتم عليها كالرقابة على موضوع المحابس والمواسير, كما يجب على الفنيين التابعين للمؤسسة أن يمروا على الشوارع والأماكن المختلفة بطريقة دورية وأسبوعية لعمل الصيانة المستمرة.
مسئولية مشتركة
بينما يقول الشيخ جبري إبراهيم حسن : إن الماء سر الحياه حيث قال تعالى:(وجعلنا من الماء كل شيء حي), والماء نعمة وثروة لذا يقال إن بعض البكتيريا وهي بكتيريا تتأكسد وتتكون من وجود الرطوبة وهي بكتيريا فكيف بالبشر, فالماء مهم جدا لكل الأحياء, فكلمة (كل شيء حي) هي من ألفاظ العموم, إذا يجب أن نحافظ على المياه لأنها سر الحياه, ويجب أن نعرف أن كل قطرة ماء أهم من قطرة الدم لأن في الماء يتكون شريان الحياه, قطرة الدم تخرج من الكائن الحي لذاته, أما قطرة الماء فهي تعني الناس كلهم, حياة البشرية وحياة النبات والحيوانات كل ما يدب ويهتز ويتحرك محتاج للمياه,,ومسألة الحفاظ على الماء هي مسؤولية الناس كلهم ومسؤولية مشتركة بين الجهات المختصة سواء الحكومية وغير الحكومية ولكن الحكومية بشكل خاص والمتمثلة بالمؤسسة المحلية للمياه والصرف الصحي وبين الناس, وهناك تضارب في موضوع انعدام المياه أو شحتها في بعض مناطق العاصمة فالتساؤل هنا من هو المسئول, ونقول لا ينبغي أن يكون المواطن وحده هو المسئول عن ذلك مثلا على مؤسسة المياه التزامات معينة كتحسين وصيانة الشبكة المتهالكة للمياه, أحياناً تتعطل ماسورة ويكون فيها ثقب فيسيل الماء في الشوارع, يجب أن يكون هناك خطة عمل لصيانة الشبكات, يجب أيضاً إيجاد عدة روافد للمياه فالبئر عندما تنضب أو تنتهي يجب الانتقال إلى بئر أخرى وهكذا بحيث يتم عمل عدة آبار وتقسيمها إلى رئيسية ومركزية، أيضاً يجب أن تكون هناك دراسات وأبحاث تقوم بها المؤسسة لإيجاد مصادر جديدة لتوفير المياه, أضف إلى ذلك يجب على مؤسسة المياه الاستفادة من مياه الأمطار, ويجب متابعة صيانة العدادات الخاصة.
سلوكيات خاطئة
وعن السلوكيات الخاطئة التي يمارسها بعض المواطنين في موضوع استهلاك المياه من المؤسسة الحكومية ومنها: قلع العدادات, واستهلاك المياه بدونها, كذلك قلع العدادات لغرض استخدام الشفاطات الكهربائية لشفط مياه المشروع الحكومي من خارج العداد وحرمان الآخرين من الجيران وصول المياه لديهم، وامتناع المواطنين عن تسديد فواتير المياه, أو القيام بإتلاف شبكات المياه، يقول الشيخ الحافظ يحيى أحمد الحليلي إنه لا يجوز شفط الماء واستخدامه بدون العداد أو من وراء العداد وحرمان الجيران من استهلاك المياه.
سرقة
ويؤيده الشيخ محمد العيسوي, ويضيف: أقول لأخي اليمني المسلم عندما تستهلك حقك من المياه الذي يكفيك طيلة المدة الأسبوعية المخصصة وتخلصه ومن ثم تقوم بشفط المياه وتأخذ حق جيرانك فأنت تعتدي على حق الآخرين وتسرق حقهم وتعتدي عليهم, ولذا يجب أن يعاقب من يثبت عليه أنه يعبث بالمياه, أما الذين يستهلكون الماء من دون العداد المخصص من المؤسسة الحكومية المزودة للمياه فيعتبر هذا السلوك سرقة, وشرعاً لا يجوز استهلاك الماء بدون العداد والماسورة الأم لأن هذا معناه عبث وأذية للناس.
تطبيق العدل
ويضيف: ومن الملاحظ أنه في البلاد الأخرى والتي نسميها بالمتقدمة لا أحد يجرؤ على القيام بشفط الماء خارج العداد, ومن يقوم بذلك يحبس ويغرم غرامة مالية, ونقول لماذا نحن المسلمين لا نطبق العدل بيننا ؟ نحن محتاجون لتربية وتوعية بأهمية الحفاظ على المياه, يجب أن نتذكر قول الله عز وجل والذي هددنا تهديداً قال عز وجل (فمن يأتيكم بماء معين), وقوله عز وجل (أفرأيتم الماء الذي تشربون أأنتم أنزلتموه من المزن أم نحن المنزلون), وقوله جل في علاه (لو نشاء جعلناه أجاجاً فلولا تشكرون).
إضرار بالمال العام
أما الشيخ الدكتور محمد مقبول الأهدل فيقول: عدم تسديد فاتورة المياه وسرقته من خلف العداد والشفط بالمولدات كلها أضرار بالمال العام فقد قال تعالى:(يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم واشكروا لله إن كنتم إياه تعبدون)، ثم ذكر الرسول(الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام فأنى يستجاب له).
وقال تعالى :( من كان يريد العزة فلله العزة جميعاً إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه والذين يمكرون السيئات لهم عذاب شديد ومكر أولئك هو يبور) والله طيب لا يقبل إلا طيباً ، عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما ولفظه تليت هذه الآية عند رسول الله صلى الله عليه وسلم (يا أيها الناس كلوا مما في الأرض حلالاً طيباً)، فقام سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه فقال يا رسول الله ادع الله أن يجعلني مستجاب الدعوة، فقال يا سعد أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة فالذي نفسي بيده إن العبد ليقذف بلقمة الحرام في جوفه فلا يقبل منه عمل أربعين يوماً وأيما عبد نبت لحمه من السحت فالنار أولى به).
فيا ترى كيف يرى بعض الناس وضوءهم للصلاة بماء غير مدفوع أجره أو بالحصول عليه بطرق غير مشروعه، وبخصوص تأثير شفط المياه على الجيران نذكر الناس بقول النبي (والله لا يؤمن من لا يؤمن جاره بوائقه)، فالاستئثار بالمياه خطأ فاحش.
وعلى الدولة أن تستخدم القوة في منع المخالفات وتطبيق القانون وعليها أن تبدأ بالغني قبل الفقير من المواطنين, يجب أن يتقي الله الجميع ولا بد أن نتناصح فالدين النصيحة لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم.
سرقة وخيانة
وفي هذا الصدد يقول العلامة محمد بن إسماعيل العمراني: إنه لا يجوز ربط ماسورة لمسجد من المشروع الحكومي إلا بإذن من المؤسسة التي توفر المياه وإلا فهذا العمل يعتبر سرقة وخيانة.
بينما يقول العلامة حمود بن عباس المؤيد: إن قلع عداد المياه منهي عنه لأنه ضرر على الذين يلتزمون بالدفع.
لا يجوز
ويقول الشيخ جبري إبراهيم : الذي يقوم بشفط الماء من خارج العداد من المواطنين يعتبر معتدياً واعتدى مرتين المرة الأولى وهو يشتري الماء الذي هو ملك الدولة وهو مال محروز بعكس المياه العادية, حيث إن الدولة تتعب في استخراج المياه وتوصيلها إلى المواطن وفي هذه الحالة لا يجوز استهلاك المياه هنا إلا بالقيمة المالية التي تحددها الدولة , ويعتبر هذا المواطن الذي يشفط الماء بالعداد اعتدى وأكل المال بغير حق وسيحاسب عليه لأنه مال محروز ومتعوب عليه, والاعتداء الآخر هو أن المواطن الذي يشفط الماء من خارج العداد أو حتى بواسطته قد حرم جاره من استخدام الماء وسحبه إليه، وبالتالي سيمتلئ الخزان التابع له بينما جاره لم يفز بقطرة ماء.
وهذا الشخص الذي شفط الماء عنده القدرة لشراء وايت ماء بينما جاره لا يستطيع أن يتوضأ أو أن يطهو طعامه.
ونقول للمواطن كذلك يجب عليكم أن تدفعوا ما عليكم من أموال لمؤسسة المياه ونقول للمؤسسة لا تظلمون الناس عليكم إصلاح الشبكات.
كذلك نقول للمواطنين يجب أن تتقوا الله في جيرانكم,, فالنبي صلى الله عليه وسلم أوصى بأربعين جاراً وليس كما يعتقد الناس الجار الرابع, بل قال الرسول المصطفى صلى الله عليه وسلم :(أربعون داراً جار),, نقول يجب أن يتعاون الجميع ويتكاتفوا لآجل إيصال المياه لكل بيت، ويجب أن تكن هناك توسعة في حفر الآبار, السؤال هنا لماذا لا يعود اليمنيون لأخلاق أسلافهم وأجدادهم ويتعاونون فيما بينهم, ولقد كان اليمنيون كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم:(أن الأشعريين إذا أرملوا جمعوا ما معهم في صفحة واحدة فاقتسموهم بالسوية, فهم مني وأنا منهم)،إذا لماذا أصبح الناس يفكرون في أنفسهم وعوائلهم فقط لماذا لا يفكرون بالمصلحة المشتركة, نقتسم الماء وننظم جهودنا، ومثلاً على مؤسسة المياه يجب أن تتعاون مع بعض الناس سواء تخفيض أسعار المياه وإعطاؤهم امتيازات حتى يتنافس الناس في تسديد حقوق المؤسسة حتى يحصلوا على خدمه، مثلاً تكون هناك مهلة لمدة معينة أو تقسيط ميسر للمبالغ الكبيرة المتراكمة على الفقراء والمساكين حتى يتشجع الجميع ويتنافسوا على الخير، اليد الواحدة لا تصفق لذا ينبغي أن يتعاون المواطن مع الدولة, ويجب على العلماء والدعاة توعية الناس أن من يبذر في استهلاك المياه سواء في بيت أو عمل قد تحمل إثماً ووزراً والله عز وجل يقول (إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين)، وهذه نعمة سيسأل الله عنه, والسؤال عن نعمة الماء لا تعني أنه سيسأل الإنسان عن نعمة واحدة أنتم عن المدينة التي تسكنون فيها حيث حرمتم ملايين الأشخاص من المياه, فقد ربما تضرر من هذه التصرفات أناس مصابون بأمراض الكلى أو السكري أو غيرها من الأمراض المستعصية والتي تحتاج إلى استهلاك منظم للمياه, ينبغي أن يعرف الجميع أن المسئولية تكاملية ومشتركة ويجب أن تتوحد الجهود وأن نأخذ بأيدي اليمنيين إلى كل خير, ونحن نريد أن نؤكد على خطورة شح المياه لأن الأجيال التي ستأتي من بعدنا ما الذي ستعمله, المسألة ليست آنية، ذات مرة وجد مجموعة من الشباب رجلاً كبيراً في السن يزرع نخلة فقالوا له أنت في هذه السن وما زلت تغرس نخله, فتساءلوا متى سيأتي ثمرها؟ فرد عليهم الرجل المسن: غرسوا فأكلنا ونغرس ليأكل غيرنا، فيجب أن نتبع هذه الحكمة في حياتنا إن آبائنا وأجدادنا شيدوا السدود والمدرجات والخزانات والصهاريج من أجل الحفاظ على نعمة المياه وجئنا نحن واخربناها, الله تبارك وتعالى قال: (والأرض وضعها للأنام) فالأرض المصلحة والعيش فيها للناس جميعاً ليست لقبيلة واحدة ولجماعة واحدة بل للناس جميعاً, وهذا ما يراه الباري عز وجل الذي قال: (ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها), فينبغي أن نراعي خدمات المياه والكهرباء وعدم التخريب.
إثم
ويضيف: الناس تساهلوا في القضايا العامة فمثلاً البعض يعتقد أن الاعتداء هو فقط الاعتداء على بيت فلان أو قبيلة فلان, والمسألة العامة مثل الاعتداء على الكهرباء أو أنابيب النفط أو شبكات وعدادات المياه هي مسألة سهلة, والحقيقة أنه عندما أعتدي على بيت واحد فهذه جريمة كبيرة, وعندما أعتدي على المال العام معناه إنني اعتديت على 20مليون يمني, لذا فالإثم هو إثم على شخص يعتدي على ملايين اليمنيين.
ويستطرد الشيخ جبري: عندما أقوم بتخريب شبكات المياه والصرف الصحي أو برج الكهرباء معناه أنني أفسدت على أمة كاملة ومن ضمن هذه الأمة أولادي وزوجتي, وحقيقة الأمر فهو متداخل والموضوع مرتبط مع بعضه البعض فمضخة المياه لا يمكن أن تعمل إذا لم يوجد تيار كهربائي مثلاً إذا أنبوب النفط ضرب فلا يمكن أن تعمل مضخة المياه التي تعمل بالديزل, وهنا أورد قصة في زمن النبي جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال له جاري يؤذيني فقال له الرسول أخرج متاعك, فأخرج متاعه فقال له الناس من فعل بك هذا فرد عليهم الرجل إن جاري يؤذيني فرجع الرجل المؤذي للرسول وقال له يا رسول الله الناس يلعنوني فقال له الرسول قد لعنك الله قبلهم, ولذا أقول إن الله سيحاسبنا على كل صغيرة وكبيرة، وعليه ينبغي أن نفكر بتفكير كما تدين تدان قبل الأقدام على فعل أي شيء يجب أن يفكر المعتدي على شبكة المياه أنه يقوم بإضرار مصالح الغير وإن هذا الإضرار قد أتضرر منه مستقبلاً, وهكذا.
والنبي يقول من سن سنة حسنة فله أجرها إلى يوم القيامة ومن سن سنة سيئة فعليه وزرها وكلما جاء يوم سوف أجني ثمار تلك السيئات.
ويواصل الشيخ جبري: أقول لإخواننا لأهلنا لأمتنا لأتباع النبي لكل يماني أن يكونوا أهل الإيمان والحكمة فالإيمان يأمرنا بالأمان والحكمة تأمرنا أن لا نخرب ونهدم بل نعمر المال العام أشد حرمة من المال الخاص لأن الأول تتضرر منه الأمة، والثاني يتضرر منه الفرد والماء يعتبر مالاً عاماً.
ختاماً نقول : إنه لابد من توعية الناس منذ الصغر ومنذ المراحل الأساسية, ويجب أن يكون هناك مواد دراسية تتضمن فيها الحفاظ على الأموال العامة وعدم الاعتداء عليها سواء الماء أو الكهرباء أو البترول, كما يجب على وسائل الإعلام أن تعمل على نشر التوعية, وكذلك التوعية عبر المساجد وعبر وزارة الأوقاف، فالمسألة محتاجة تظافر كل الجهود لتوعية الآخرين، دور المؤسسة المحلية للمياه خدمي ورقابي وتوعوي ويجب أن يكونوا صادقين مع الناس بتوزيع المياه، وأقول لكل مواطن مسلم أن العبث بالماء حرام وأخذ حق الآخرين حرام وتخريب شبكات المياه والمجاري، وأي مرافق حرام فهو حرام واعتداء وظلم, ويعتبر فساداً في الأرض، فاتقوا الله في هذا الوطن الغالي وفي أنفسكم.
سبأنت