وأعلن رئيس اتحاد نقابة عمّال اليمن اعتبار عام 2015 م عام نهضة الحركة العمالية واستعادة دورها الوطني كحركة وطنية كان لها السبق منذ ثلاثينيات القرن الماضي في قيادة العمل النضالي في الساحة الوطنية ضد الاستعمار في الجنوب والحكم الإمامي الاستبدادي في شمال الوطن،فإلى الحصيلة:
في البداية تحدث بلخدر قائلاً: أشكر صحيفة «الجمهورية» على توفير هذه الفرصة لتسليط الضوء على كثير من القضايا من أهمها دور الحركات النقابية في النضال الوطني، وكل أبناء الشعب يدركون دور الحركات النقابية وخاصة عندما بدأت تتشكّل لها لجان في محافظة عدن حيث بدأت تشكيلاتها في ثلاثينيات القرن المنصرم، واستمرت تناضل في كثير من القطاعات في محافظة عدن، وتوّج هذا النضال بالمؤتمر العمالي الذي أُقيم في 1956م، وقد شاركت الحركة النقابية في النضال ضد المستعمر الأجنبي، وقدمت قوافل من الشهداء حتى استطاع الشعب اليمني في الجنوب تحقيق الاستقلال في 30 نوفمبر 1967م وكانت الحركة العمالية والنقابية هي الحاضنة لكثير من القوى السياسية والفعاليات الوطنية وسجلت مواقف ناصعة البياض وشجاعة واستمرت على هذا المنوال إلى يومنا هذا، ولكن فوارق الزمن وتغيراته قد أثر على الحركة النقابية وكان للتغيير السياسي والاجتماعي والاقتصادي أثره البارز على الحركة وعلى الدور الذي بدأته هي لم تستطع أن تستمر بنفس المستوى أو قيادتها للتحولات الوطنية، وذلك بسبب التغيرات الزمنية ولو تكلمنا عن الحركة النقابية فقد كانت هناك عدة تشكيلات في الشمال وفي الجنوب، فقد كان هناك تبادل للخبرات بين الشطرين في تلك الفترة وقد أسست أول حركة عمالية في عام 1984م في شمال الوطن، وبذلك وُحدت الحركات العمالية قبل توحّد القوى السياسية.
وأكد علي أحمد بلخدر: إن الحركة العمالية قد سجلت مواقف بالرغم أنها ليست ملبية لطموحات العمال، ولكن الحركة تبذل جهدها وما تستطيع فعله.. نعم هناك قصور، والعمال يريدون حركة عمالية قادرة على قيادة تحولات كبيرة في الوطن والواقع يفرض ما يقدر على فرضه، وفي الحقيقة أصبحنا نعيش حالة لا استقرار سواء على المستوى النقابي أو المستوى الوطني إلا أننا وعلى رغم ذلك متفائلون في أن الحركة العمالية في اليمن ستستعيد دورها الوطني وأنا أؤكد أن عام 2015م سيكون عام نهوض الحركة العمالية في اليمن واستعادة دورها في قيادة العمل التنموي والبناء والتشييد وتحقيق نهضة اقتصادية تنتشل الوطن من أوضاعه المتردية وتحقيق الاستقرار الاقتصادي، لأن شريحة العمال وكما عوّدتنا سيكون أبناؤها سواعد للبناء والإعمار.
وأوضح رئيس اتحاد عمّال اليمن: إن إجمالي العمالة اليمنية المنظمة حوالي 7 ملايين عامل وعاملة ونتوقع زيادة في هذا الرقم إذا ما أضفنا الأيادي العاملة غير المنظمة في سوق العمل المحلية وأن إجمالي عدد أعضاء اتحاد نقابات عمال اليمن بلغ حتى الآن 700ألف عامل وعاملة في كافة المحافظات.
إعادة النظر في التأهيل والتدريب
لافتاً إلى أن عملية إعادة التدريب والتأهيل للعمالة اليمنية لا زالت تحتاج إلى إعادة النظر فيها، حيث أن صندوق تنمية المهارات والمعاهد الفنية والتدريبية المتخصصة رغم جهودها في خلق مخرجات عمّالية مؤهلة إلا أنها لا تستطيع الوفاء بما ينبغي فعله لإعادة تدريب وتأهيل كل العمالة غير المؤهلة قياساً إلى تلك الأرقام الهائلة والمرتفعة للأيادي العاملة غير المؤهلة والتي تحتاج إلى قرار سياسي شجاع يؤدي إلى تأهيل ملايين العمال والعاملات بما ينسجم مع متطلبات السوق المحلية واحتياجات سوق العمل الخليجية وعلى الحكومة اليمنية أن تجعل من أولوياتها تنفيذ برامج فعالة في التدريب والتأهيل للعمالة اليمنية لأن ذلك سيمثل مدخلاً جيداً للتغلب على تحديات البطالة والتخفيف منها.
شبح البطالة يهدّد بانهيار مجتمعي.
مشيراً إلى أنه ووفقاً لآخر الإحصائيات فإن نسبة البطالة في اليمن قد تجاوزت 54% وهذه نسبة مخيفة وتمثّل لنا جميعاً اليوم معضلة حقيقية وخصوصاً في صفوف الشباب حيث بلغت ما نسبته 37% حيث أن هذه البطالة لها انعكاسات خطيرة وكارثية، حيث أن الفراغ القاتل للشباب قد يكون العامل الأهم في دفعهم إلى التطرف ويجعلهم لقمة سائغة لاستقطاب الجماعات الإرهابية لهم وتحويلهم إلى قنابل بشرية تهلك الحرث والنسل ولذلك نحن نحذّر من الاستمرار في إغفال ملف تحدي البطالة الذي ينبغي أن يكون من أهم القضايا المنظورة لدى القيادة السياسية والإسراع في وضع حد لتنامي مشكلة البطالة وليس هذا فحسب بل أن عدم التصدي بجدية لمشكلة البطالة قد يؤدي إلى انهيار اجتماعي وشيك لا محالة.
ومضى بلخدر إلى القول: لا ريب أننا في اتحاد نقابة عمال اليمن لدينا رؤية مستقبلية نضع فيها حل معضلة البطالة في أولويات أجندتنا، حيث نسعى وبالتعاون مع أطراف العمل والإنتاج الثلاثة إلى تسخير كافة الموارد التي من شأنها خلق فرص عمل لامتصاص البطالة والحد منها وخصوصاً أننا ندرك أنه لا يمكن تحقيق الاستقرار الأمني والاقتصادي إلا بعد التغلب على مشاكل البطالة التي تعد اليوم بمثابة التحدي الأكبر المعرقلة للتنمية الشاملة في بلادنا، حيث أننا نملك فرصاً استثمارية كبيرة في القطاع السياحي والسمكي والمعدني، والأراضي اليمنية حبلى بالثروات الطبيعية، ولكن ما ينقصنا فقط هو وجود سياسة تنموية قادرة على تفعيل القطاع الاستثماري في كل هذه المجالات التي من شأنها خلق مئات آلاف فرص العمل الجديدة، وبالتالي تجاوز تحديات البطالة بشكل عام، كما ينبغي علينا التركيز على إعطاء المناطق النائية أهمية قصوى في تفعيل المشاريع الاستثمارية فيها للحد من ظاهرة الهجرة الداخلية المتزايدة للشباب من المناطق النائية إلى المدن.
وتابع قائلاً: أنا أعتقد أنه من العيب أن يبقى المتعاقد متعاقداً لمدة طويلة في قطاع عام، إذ أن الفترة التجريبية هي ستة أشهر فقط ثم يثبّت بعدها عامل بمجرد انتهاء فترة الاختبار أو التجربة ولكن أن يبقى عاملاً متعاقداً لمدة كبيرة قد تصل إلى عشر سنوات فهذا من العيب على القطاع العام أن يُخالف قوانين الخدمة المدنية، ومن حق كل المتعاقدين أن يثبّتوا، وعلى الحكومة أن تعرف أن هؤلاء قد أصبحوا موظفين لدى الدولة منذ أن اجتازوا المرحلة الاختبارية التي مدتها كما أسلفنا الذكر ستة أشهر، كما أنه تبلغ أعداد المتعاقدين في القطاع العام المختلط عشرات الآلاف، هذا العدد الكبير يضخّم حجم المشكلة.
خلق شراكة بين أطراف العمل الثلاثة
وأضاف الأستاذ علي بلخدر: علاقتنا لم تكن كما ينبغي مع حكومة الوفاق الوطني، إذ أنا لم نتوافق معها على أية آلية عمل ولكنا كنا قد بدأنا مع حكومة الكفاءات والتقينا الأخت وزيرة الشئون الاجتماعية والعمل ووجدنا تفهّماً كبيراً منها حول الشراكة الثلاثية وطرق تفعيلها، وكان ذلك اللقاء الأول ولكنه كان جيداً ومطمئناً، ومع أننا نعاني من إشكاليات كبيرة ومع الحكومة كذلك ولكن إن شاء الله كل القضايا ستحل بالحوار بين القطاعات المختلفة أو الجهات المعنية التي تتمثل بالعمال أو الحكومة، ولدينا برنامج لقاءات مع رجال الأعمال بحكم أنهم طرف أساس في الثلاثية المعروفة «حكومة وأرباب العمل وعمال».
ومضى عضو مؤتمر الحوار الوطني في حديثه إلى القول: إن الحقوق مكفولة لكل العمال والاتحاد له دور بارز في حفظ هذه الحقوق إضافة إلى الجهات المعنية التي تدافع عن الحقوق، ونحن في الاتحاد نقوم بالدفاع عن حقوق العمال بالحوار وأنا أحث على الحوار في كل القضايا والأزمات الراهنة.
واعتبر رئيس اتحاد نقابات عمال اليمن أن مستوى الأجور قد أصبح في غاية السوء في الأعمال المنظمة، ونحن نوصي الحكومة القادمة برفع مستوى الأجور، لأن الأجر لم يعد يكفي مع هذه الظروف الراهنة، وكذلك أن الأجور تؤثر على المجتمع بشكل كبير وأنا أعتقد أن استمرار مثل هذه المشكلة بدون حل قد يؤدي إلى انهيار المجتمع وسببه هو ارتفاع أو انخفاض مستوى الأجور، وأعتقد أن سبب انهيار المجتمع هو الفقر لدى الأغلبية، فنطالب الحكومة أن تولي اهتماماً كبيراً لهذه الناحية أما في القطاع غير المنظم فأنا أدعو الحكومة لتوفير فرص العمل ليساهم الفرد في بناء الأسرة التي هي عمود المجتمع والمشكلة حالياً عدم توفر فرص العمل إلا بشكل نادر وهذا ما يزيد في نسبة البطالة والأمية مما ينعكس سلباً على المجتمع ككل.
استجلاب عمالة أجنبية أمر مرفوض
وأكد رئيس الاتحاد العام لعمال اليمن: أقول للأمانة نحن لم نعد نحتاج العمالة الأجنبية لأننا نحن من الدول المصدرة للعمالة، إنه لمن السخرية أن دولة فيها بطالة كبيرة بهذا الشكل وتصدر العمالة أن تستجلب بعض مؤسساتها العمالة الأجنبية، نعم شر البلية ما يُضحك.. ومخرجات الحوار الوطني ومسودة الدستور الجديد قد أولت اهتماماً كبيراً العمالة المحلية، ولكن نحن لا نزال في نقطة تحوّل بعدها يكون لليد المحلية الأولوية بالقانون إن شاء الله.
إقصاء من استراتيجية التأهيل والتدريب
وأشار بلخدر إلى أنه ينبغي علينا حتى نكون واضحين ولا نزايد على انفسنا فنحن كنا مغيّبين عن استراتيجية تأهيل العمالة إلى دول الخليج وكنا نفضل أن تؤهل العمالة إلى السوق المحلية بدرجة أولى وأساسية قبل التأهيل لدول الجوار التي قد وصلت إلى درجة كبيرة من التطوّر والازدهار الإنشائي، كنا نأمل أن تركز هذه الاستراتيجية على تأهيل العامل لخدمة وطنه أولاً ثم خدمة دول الجوار، ونحن نتمنى التوفيق لتلك الإستراتيجية.
النخبة السياسية ستجر البلاد إلى التهلكة
وختم الأستاذ. على أحمد بلخدر، رئيس اتحاد عمال اليمن، وعضو مؤتمر الحوار الوطني حديثه للصحيفة قائلاً: أنا على يقين أن الصوت الذي ينبغي أن يُرفع من كل يمني وليس فقط من الاتحاد العام لعمّال اليمن هو إننا نعيش في مرحلة صعبة ووضع مأساوي وعلى النخبة السياسية أن تدرك هذا الأمر حق الإدراك، وإذا استمرت في غيّها فإنها ستجرّ البلاد إلى التهلكة والمواطن الذي أعطى النخبة السياسية دعمه وأمله بمستقبل أفضل أعتقد أن من واجبها إخراجه من هذه الأزمة التي تعصف بالبلاد، ونحن والمواطن البسيط ندرك أن المكايدات السياسية قد أوصلت الأمور إلى ما هي عليه ونأمل من هذه النخبة السياسية أن تُراجع حساباتها لما فيه مصلحة البلاد أولاً قبل كل شيء.
سبانت